الوفاء خلقٌ نبيلٌ لا يتصف به إلا النبلاء من الناس, وفي هذا الوطن الغالي يتجلى هذا الخلق النبيل ويظهر من خلال إقامة مناسبات وفائيةٍ رائعةٍ راقية تحكي ما يتصف به مجتمعنا الحبيب من تكاتفٍ ومحبةٍ وألفة, وفي شهر رجب من كل عام يضع كثيرٌ من العاملين في قطاعات الدولة عنهم عصا الترحال بعد أن قضوا عمرًا مديدًا في خدمة الوطن الغالي والإسهام في عمارته ورقيه تاركين لغيرهم المجال لمواصلة البناء, فتقوم كثيرٌ من المؤسسات والدوائر الحكومية بتكريمهم والاحتفاء بهم من خلال حفلات مصغرة وبعضها مكبرة يتخللها هدايا من محبيهم وزملائهم مما يترك في نفوس إخوانهم المتقاعدين أثرًا طيبًا فيزيدهم سرورًا وغبطةً, ويسهم في توطيد أواصر المحبة والإخاء في نفوسهم.
ولاتقتصر إقامة هذه المناسبات الوفائية على الدوائر والمؤسسات الحكومية بل تألقت على مستوى الأسر والأفراد, فتقام مناسبات التكريم ويجتمع فيها الأحباب والأصحاب, وتحلو مجالس الوفاء بأهلها وأسيادها الأوفياء النبلاء مما يجعلنا نسعد شاكرين الله تعالى على ما ننعم به في وطن الوفاء والعطاء والنماء من علاقات أخوية وتكاتفٍ وترابطٍ بين أفراده, فتكون جبهتنا الداخلية قوية لا تزعزعها مكائد الأعداء والشانئين الذين يخططون ليل نهار لتفريقينا وإثارة النزاعات والقلاقل والفتن وتقويض رابطة المحبة بيننا ولكن هيهات هيهات فنحن في وطنٍ قام على الشريعة وتحكمه قيادةٌ حكيمة تسعى في رعايته والعناية به وتقوية الرابطة بين أفراده - زادها الله عزًا وتمكينًا ورفعةً - التي سنت مثل هذه الاحتفالات الوفائية من خلال تكريم أعلام الوطن من مثقفين وأدباء وعسكرين وأطباء ومهندسين وتجاوزه إلى غيرهم من أعلام البلاد الأخرى الذين خدموا العلم والأوطان والإنسان, تمثل هذا في جوائز تقديرية ومهرجانات تكريمية وأوسمة سنية وإننا - والله - نُغبط على هذه القيادة الرشيدة التي تستحق منا الشكر الوافر والتقدير العظيم والدعاء الصادق بدوام السداد والتوفيق والعز ولهم علينا السمع والطاعة وهذا وفاءٌ ينبغي لنا نتصف به ونقوم به, فهم أولى من غيرهم به.
ولقد دُعيت يوم الاثنين الثامن من شهر رجب الحالي لمناسبة وفائية كريمةٍ من قِبل مدير مدرسة ابتدائية ومتوسطة التويم بسدير الأستاذ: محمد بن سليمان الجنيح لحضور حفل تكريم المربي الفاضل: إبراهيم بن شايع الشايع الذي قضى في سلك التعليم أكثر من ثلاثين عامًا تخرج على يديه طلابٌ أصبح بعضهم ضابطًا وبعضهم أطباء وآخرون معلمين ومهندسين وغيرهم, خدموا الوطن ونفع الله بهم وكان حفلاً حافلاً بالوفاء والنقاء وجميل السخاء حضره جمعٌ غفيرٌ من أهالي التويم يتقدمهم رئيس المركز الأستاذ: محمد الدويخ ومدير مكتب التعليم بحوطة سدير الأستاذ: فهد المويجد ومساعده الأستاذ: صالح السويلم وجمع من التربويين سررتُ به كثيرًا وشاركتُ فيه ببعض مشاعري تجاه المحتفى به من خلال هذه القصيدة:
وغادر موئلَ العلمِ الأريبُ
مُربٍّ مُخلِصٌ رجلٌ حبيبُ
تجاوز ربعَ قرنٍ قد قضاها
يبثُّ العلمَ وهو به رغيبُ
مع الطلابِ يأسرهم بلطفٍ
يحبُّهمُ له صدرٌ رحيبُ
وتحت يديه أجيالٌ توالت
له ذِكرٌ بهم حَسَنٌ يطيبُ
عرفتُ حبيبنا رجلاً كريمًا
وفي الأسفارِ تهواهُ القلوبُ
هدوءُ حبيبنا سحرٌ حلالٌ
به صمتٌ له عقلٌ لبيبُ
بشوشٌ لفظهُ حلوٌ جميلٌ
يُحبُّ الناسَ وهو لهم قريبُ
على الأكدارِ ذو صبرٍ جميلٍ
وملجأُ شيخنا الربُّ الحسيبُ
هو الوافي وذو حسٍّ نبيلٍ
نقيِّ القلبِ يا نِعْمَ النسيبُ
يُحبُّ السلم لا يرضى بظلمٍ
وللمحتاجِ وافينا يجيبُ
خبرتُ البِرَّ في الغالي وفيرًا
وللأرحامِ وافٍ لا يغيبُ
تقيٌّ صالحٌ وأخٌ وقورٌ
له قلبٌ وروحٌ لا تشيبُ
قليلٌ ما ذكرتُ به وإني
على الأشعارِ في خلِّي عتوبُ
فعذرًا أيها الغالي فحرفي
خجولٌ وهو في الوافي قشيبُ
رعاك إلهنا ويزيد فضلاً
لعلَّ العيشَ للغالي خصيبُ
ويا أهلَ الوفاءِ لكم سلامي
لكم حُبِّي لكم شكرٌ سكيبُ
محمدُ يا أخا الإبداعِ شكرًا
تبادر بالوفاءِ يفوح طيبُ
حماك اللهُ والأحبابَ طُرَّاً
وأجزل أجركم ربي المجيبُ
** **
تمير - سدير