العقيد م. محمد بن فراج الشهري
كراهية الإسلام والمسلمين لدى الغرب تجلت في أعمال أشبه بأفعال السفهاء، والسذج الذين لا يعلمون أيضاً لماذا يحرقون المصحف. هل هي الكراهية العمياء للإسلام؟ أم تجاوب مع تساهل الحكومات الغربية التي تضع الحريات في غير موقعها ثم تنادي بها. نعم الحكومات الغربية هي من شجعت هؤلاء السفهاء للقيام بأعمال كهذه في ظل حريات وهمية مزعومة، وكراهية وتفرقة، وعنصرية، ومثل هذه المناظر والأفعال التي قام بها السويدي «راسموس بالودان» زعيم حزب «الخط المتشدد» اليميني المتطرف من إحراقه لنسخة من المصحف في مدينة ستوكهولم في الأسابيع الماضية، ثم لم تمض أيام قلائل حتى قام أحمق متطرف آخر هولندي يتبع لحركة (بيغيدا) المناوئة للمسلمين بتمزيق المصحف في مدينة (لاهاي)، ثم تواصلت مسيرة الحقد، والشر، والكراهية خلال الأيام الماضية لتصل إلى الدنمارك حيث قام سفهاء آخرون متطرفون بإحراق ثلاث نسخ أخرى من القرآن الكريم في تصرف أحمق وسخيف وجد إدانة واسعة، واستنكارًا من كل الدول العربية والإسلامية، والخارجية السعودية أدانت تلك الأفعال الشائنة، والأعمال الاستفزازية غير المسؤولة لمشاعر المسلمين في كل أنحاء المعمورة، ودعت الجهات المختصة في تلك الدول لوقف هذه الممارسات الغوغائية تجاه الإسلام والمسلمين، محذرة من مغبّة التمادي في هذه السلوكيات اللاّأخلاقية والتي أقل ما يقال عنها أنها تصرفات حمقاء همجية.. فلماذا هذا العداء الغربي والكراهية للدين الإسلامي؟ فالعالم الإسلامي لم يرتكب جرائم تجاه الإنسانية تدفع الآخرين لمناصبة العداء، فالحربان العالميتان، وإلقاء القنابل النووية، وقتل الملايين من سكان أستراليا الأصليين، والهنود الحمر في الأمريكيتين، وإشعال الفتن، والحروب في بقاع الأرض كافة، وغير ذلك من مآسي الاستعمار، ارتكبها الغرب، وليس المسلمين، وهم يدركون ويعلمون ذلك، لكنهم لم يلقوا رد فعل بوقف تلك الممارسات البشعة والمقيتة ضد الإسلام لأسباب كثيرة، ومتعددة من أهمها:
1- اعتقادهم الراسخ بتفوق العرق الأبيض على الأعراق كافة، وذلك الاعتقاد ثابت في العديد من مؤلفات مفكريهم التي تمثلت بعبارات العنصرية، والكراهية مثل (نظرية الاستبدال العظيم) لرينوكامو، والذي تعد أفكاره حالياً الملهمة لسياساتهم.
2- رغبتهم في طمس الحقائق لفشل سياساتهم العامة التي أدت إلى انتشار الفقر، والبطالة، والجريمة، والفساد، وانعدام الأمن بدولهم بإخافة مواطنيهم من الإسلام. فوفقاً لتقرير سكان العالم لعام 2023م عن معدل جرائم العنف بحسب البلد، كان الترتيب العالمي لأعلى جرائم العنف الجنسي: السويد 2، النرويج 11، أستراليا 12، كندا 14، الدانمرك 19، بلجيكا 21، فرنسا 25.
3- منافاة التعاليم الإسلامية لقيم الغرب المتحررة الداعية إلى الانحلال، والإلحاد، والخضوع لتيار الماسونية، والرغبة في الحد من انتشارها دولياًَ، فالغرب يعيش حالياً أزمات متعددة نتيجة سقوطهم الذي أعفى القيم الاجتماعية، والدينية، وقد لخص الكاتب باتريك بوكانان في كتابه «موت الغرب» نتاج ذلك موضحاً أن 25 % من إجمالي عدد الأطفال بأمريكا غير شرعيين، وهناك أكثر من ستة ملايين أمريكي مدمن مخدرات، وأن معدل الخصوبة للمرأة الأوروبية تدنى إلى طفل واحد لكل امرأة، مما سيؤدي إلى انخفاض سكان أوروبا بنسبة تقارب 70 % بنهاية هذا القرن.
4- الاختلاف الجوهري بين المسلمين والغرب في النظرة للحياة، فالدين الذي يشكل مرتكزاً أساسياً بالنسبة للمسلمين لا قيمة له بالنسبة لدى الغربيين في حياتهم، مما زادهم فتكاً، وتفسخاً، وانحلالاً.. ولذلك هم لا يودون للإسلام ولا للمسلمين التفوق في أي شيء، ولكن {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (آية 8 سورة الصف).. وتلك الأفعال التي قام بها أولئك السفهاء لن تزيد الإسلام إلا قوة وثباتًا، وانتشارًا.. ولكن على المسلمين أن يسدّوا أبواب الانفتاح الغربي، والابتعاد عن الحريات المهملة، والحفاظ على قيمنا، وأسلافنا، ومجتمعاتنا، والله الهادي إلى سواء السبيل.