في هذه الحياة بجوانبها المختلفة تجد أن أول نقطة للنجاح - بعد توفيق الله تعالى - هي أن يكون النظام حاضرًا، إذ يعتبر النظام الطريق الذي يسار عليه للوصول للهدف المراد، فالقواعد والأنظمة هي الخط الحاجز الذي يفصل بين الطريق الصواب والخطأ، كل ما كان النظام أكثر قوة كان السير على الطريق الصحيح أكثر دقة، والسياسة ليست بعيده عن هذه القاعدة أبداً؛ بل هي أحوج إليه أكثر من حاجة الإنسان إلى الهواء، فالنظام الذي تختاره الدولة يعكس صورة لقوتها ومكانتها بين الدول، والأنظمة السياسة على مختلف أنواعها هي أحد أسباب الحفاظ على أمن الدولة وسيادتها، فأقوها هو الذي يكون المتحكم فيه بالسلطة التشريعية وأمور الدولة شخص واحد، وتقل قوة النظام السياسي والدولة كل ما زاد عدد المتحكمين بالسلطة، مما يجعلها تسلك طريقاً إلى العديد من الأزمات الصعبة التي تمس بأمنها أولاً وسيادتها ثانياً وخيراتها ثالثًا، رغم أن أسلوب المشاركة في نظام الحكم كان موجودا قديمًا إلا أنه استخدم لفترات معينه وأهداف محددة لا يسعني ذكرها في هذا المقام، والباعث على جعل «النظام الملكي المطلق» أقوى الأنظمة السياسة على مختلف أنواعها حتى من «النظام الملكي الانتخابي» هو توفيره القوانين والعقوبات التي تحمي الدولة من خلالها حقوق الشعب وأمنهم، ويبنى حصونها التي تجعل من سقوطها صعبا في وقت الشدائد، ويقودها للسعي إلى التطور في وقت السلم والرخاء؛ كل ذلك وفق رؤية صائبة نافذة دون تدخلات وصراعات وخصومات فئوية.
يعتبر النظام السياسي رداء الدولة، وعندما تغير الدولة رداءها من نظام إلى آخر؛ فإن الفوضى تحل بها، ليس على صعيد الأمن فقط بل على جوانبها المختلفة من الاقتصاد والتعليم و...إلخ فتفقد المستويات التي تميزت بها الدولة قبل تغيير نظامها السياسي، والتاريخ والواقع حمل إلينا العبر في نماذج لدول كانت رمزاً على القوة في شيء ما، لكنها سرعًا ما انهارت قوتها مع تغيير الدولة لنظامها.