ميسون أبو بكر
لست متابعة جيدة لتغيير قد يكون طرأ على الجامعات منذ عهدي بها وقت فرض السنة التحضيرية بغية تهيئة الطالب للسنة الأولى، ليكتسب اللغة وللتأقلم مع العالم الجامعي الجديد ولتأهيله قبل دراسة التخصص الذي اختاره، لكنني كنت من المشجعين للسنة التحضيرية لأني أومن بالمعلم أنه ليس فقط ملقناً للمادة التعليمية، بل كموجه للطالب وناصح له لاختيار الطريق الذي يناسب مواهبه ومؤهلاته، ولعل السنة التحضيرية لتكون فرصة لهذا قبل تورط الطالب بتخصص قد لا يناسبه ولا يجعل منه خريجاً فاعلاً ينفع وطنه ويسعده اختياره.
اختيار التخصص ليس أمرًا سهلاً ولا هو لعبة حظ أو بناءً على رغبة شخص آخر غير الطالب كما كان في السابق، ضروريات اليوم ومتطلبات العصر والرؤية فرضت نمطاً آخر من الحياة، فقد أعلنت جامعات عالمية مؤخراً عن نيتها في حذف بعض التخصصات لأنها لا تناسب سوق العمل ولم تعد هناك حاجة لها اليوم، وفي ظروف البطالة وتكدس الشهادات بتخصصات لا تخدم المجتمع لأن الأمر ملح لدراسة الأمر وتوجيه الجيل الجديد ليخوضوا حياتهم بثقة وبما يمايس الواقع وإيقاع العصر.
قبل أعوام شهدت في العلا جهوداً رائعة من قبل الهيئة الملكية للعلا تلمست حاجة العلا لتخصصات معينة، وتماشياً مع مشروعات الرؤية ابتعثت أبناءها لأربع دول متقدمة في المجال التعليمي، لدراسة تخصصات معينة ستخدم المنطقة، كالفندقة والزراعة وما ماثلها.
ونحن نتابع اليوم فأبناء العلا يشكلون الأساس في وظائف فنادقها ومنتجعاتها وكدليل سياحي للمنطقة بدراسة تماشت مع مواهبهم وخبرتهم بالأرض التي لطالما ارتبطوا بها واستنشقوا تفاصيلها.
وبما أنني عنونت مقالي الموهبة والإعلام سأشير للقاء سلطان السعد في بودكاست بالدكتور محمد الحيزان حول الإعلام وممارسيه وضرورة أن يجدوا طريقهم، ويعيدوا هيكلة أدوارهم في ظل زحام النشر المعلوماتي الهائل؛ توقفت عند محور مهم تناوله د. الحيزان في لقائه وهو ضرورة توفر موهبة الإعلام في طالب الإعلام لكي نصل لدرجة الرضا عن إعلامنا ولكي يواكب الرؤية التي واكبتها كيانات الدولة المختلفة ووزاراتها.
الإعلام ليس رغبة في الشهرة أو ما تيسّر من علامات الطالب التي قد تمنحه فرصة الالتحاق بالجامعة بهذا التخصص بالذات، الإعلام من قبل وفي ظل الظروف التي وصلت لها المملكة اليوم والتحديات التي تواجهها؛ فهو واجهة ومرآة تحتاج إلى من يقف أمامها بثقة ودون أي شائبة قد تشوّه صورة الإعلامي وبمقومات وأدوات تمكنه من عكس صورة هذا الوطن بما يليق به.
في زمن نشطت به وسائل التواصل واتجه لها الغث والسمين كفرصة للشهرة ولأنه خبت وسائل الإعلام التقليدية وعزف عنها الجمهور؛ فإنه لا بد من جهود عظيمة لإعادة الثقة بالإعلام الرسمي وقنواته، وهذا يتحقق إن كان الأساس صحيحاً وإن خرّجت الجامعات طلبة أصحاب مواهب صقلتهم الدراسة وحفزتهم الرغبة في الالتحاق بالإعلام قبل الشهرة.
فالإمكانيات المادية التي تحظى بها المؤسسة الإعلامية اليوم عظيمة وقد أزيلت المعوقات التي كانت من قبل حجر عثرة يعرقل الإعلام ومحتوى البرامج التي تقدم، وتدريب الطالب الجامعي عملياً في المؤسسات والقنوات الإعلامية قد يتجاوز الدراسة النظرية بقفزات.
الموهبة هي بداية الطريق الذي لا بد وتركز عليها الأسرة والمدرسة لنحظى بكفاءات عالية والحديث يطول.