أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً} سورة آل عمران.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. إيماناً بقضاء الله وقدره فقدنا هذا الأسبوع أخاً عزيزاً ورائداً من رواد ومؤسسي رعاية الشباب.. فقد انتقل إلى رحمة الله تعالى زميلنا وأخونا الأستاذ إبراهيم بن علي العلي بعد معاناة طويلة مع المرض - جعل الله ما أصابه رفعة في درجاته ومنزلته فقد صبر واحتسب -رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته -. عُرف الفقيد -رحمه الله - بتمسكه بشعائر دينه وبخلقه الرفيع، كما كان قامة وقدوة في أخلاقه وفي تعامله وفي عمله وفي علاقاته وفي تواضعه.. كانت له بصمته في تأسيس الرئاسة العامة لرعاية الشباب وبداياتها بعد أن انتقل إليها من وزارة المعارف عندما كانت إدارة عامة تابعة لوزارة العمل؛ ثم كان نعم العضد لسمو الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- الذي وثق به وكلفه بكثير من الملفات الرياضية المهمة بعد تحويل رعاية الشباب إلى رئاسة عامة في منتصف التسعينيات الهجرية (السبعينيات الميلادية)، خاصة فيما يتعلق بلوائح وأنظمة الاتحادات الرياضية السعودية وتشكيلاتها وكذلك الأندية ومجالس إداراتها وإعاناتها وجمعياتها العمومية باعتبار الأستاذ العلي وكيلاً لرعاية الشباب للشؤون الفنية (الرياضية)، وعضواً باللجنة الأولمبية السعودية، وذا خبرة كبيرة في هذا المجال؛ فكان يعمل تحت توجيهات سمو الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- ثم الأمير سلطان بن فهد - حيث كان نائباً له في الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة - والأمير نواف بن فيصل -حفظهما الله - ضمن كوكبة الرواد من رجالات رعاية الشباب الذين أسهموا في البناء والتطوير، بل وفي منجزات الرئاسة التي تحققت طبقاً لخططها الخمسية سواء في مجال الإدارة أو التنظيم أو حتى اكتمال البنية التحتية المتمثلة في المنشآت الضخمة وكذلك في إعداد الكوادر الإدارية الرياضية السعودية.. فكان العلي من أولئك الرموز الوطنية عطاءً وإخلاصاً وتفانياً، أما علاقات وأدوار الأستاذ إبراهيم العلي -رحمه الله- فقد كانت وطيدة وعميقة ليس فقط في المجال الرياضي والشبابي المحلي، بل على المستوى الخليجي والعربي والدولي، فقد كان نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للرياضة للجميع وأحد مؤسسي الاتحاد الخليجي للسباحة، وعضواً في عدد من الاتحادات الرياضية النوعية السعودية والعربية، فساهم مع أعضائها ومن مختلف الدول العربية وبدعم من أصحاب السمو رؤساء رعاية الشباب في تطور وبناء الرياضة المحلية والعرية ومنجزاتها، وقد تشرفتُ أن كنت مع الأستاذ العلي في الكثير من اللجان المحلية والعربية وتمثيل المملكة في الكثير من المؤتمرات والمهرجانات الشبابية والرياضية، فكان نعم الرجل تمثيلاً لوطنه المملكة العربية السعودية، وعكس الصورة المشرِّفة لها ولرسالتها، وأما على الصعيد الشخصي فالفقيد -ولله الحمد - من ذوي الصفات الحميدة ديناً وخلقاً وتعاملاً ومحبة للجميع؛ كان أنموذجاً يحتذى في تعامله وتوجيهاته الإدارية للكوادر السعودية الرياضية والشبابية التي عملت تحت إدارته، وقام بتأليف عدد من الكتب الرياضية خاصة ما يخص اللوائح والأنظمة الرياضية بمشاركة عدد من الخبراء الذين كانت تستعين بهم رعاية الشباب في بداياتها.. حصل على عدد من الأوسمة والجوائز التقديرية وكرَّمته اللجنة الأولمبية.. غفر الله لأخينا العزيز الكبير الأستاذ إبراهيم العلي وجعل ما أصابه رفعةً في درجاته ومنزلته وجعل في عقبه خيراً في الدعاء والبر.. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله في {جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} سورة القمر، رحم الله أبا علي وعظم أجر أبنائه وبناته وأخيه وأخواته وأهله ومحبيه وعارفي فضله وأسرة العلي وأحسن عزاءهم.. اللَّهم آمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
** **
بقلم/ منصور بن عبدالعزيز الخضيري - وكيل الرئيس العام لشؤون الشباب (سابقاً)