نجلاء العتيبي
يقول توفيق الحكيم: «كل شيء في الوجود عندما يؤدي وظيفته جيدًا فإنما يحقق الغاية من وجوده».
يظهر.. تظهر.. في أحد برامج السوشل ميديا -يتهبلش- يتبهلل، ويتصرف تصرفات غير مسؤولة حوارات سخيفة، وعبارات انفعالية بائسة للإبهار بحثًا عن الشهرة، ومن أجل أن ترتفع مشاهداته، وتصل لأرقام فلكية وترندات عالمية، يتباهى بها في وسط مجتمعه المشابه له؛ فيُشار إليه بالبنان، ويستحوذ على اهتمام المراهقين ويؤثر في تفكيرهم...
مال يُغْدَق، ثراء سريع، وحياة فارهة بدون تعب وجهد...
خطر يتعاظم يومًا بعد آخر، يتجه نحو طريق ينهار على مَن خطا عليه...
مِن السخف أن نقتني من التطور ما هو مدمّر، ومن الاستخفاف بالبشر نَشْر هذا الزيف..
هل تنتج هذه الرقمية جيلاً يؤمن بهذا الهرج للتكسب والعيش بهذه الطريقة؟
كيف تتقبل شريحة من المجتمع فكرة انخفاض قيمة الإنسان وارتفاع قيمة التفاهات؟
وتحوُّل كل شيء إلى سلعة للربح والتربح مصيبةٌ؛ بمعناها الفاجع الموجع..
أن يصبح الإنسان، الذي كرَّمه الله -جل شأنه- ولم يخلقه عبثًا في هذه الحياة؛ غريبًا عن نفسه.
إن استقرار وتطور الإنسان يعتمد بالمقام الأول على عقله الواعي الذي يساعده على الاختيارات السليمة المعتمدة على القيم الإسلامية التي تحقق حياة كريمة للجميع.. وعلى ضوء هذا الاختيار تكون حياته.
يقول دكتور مصطفى محمود -رحمه الله-: «قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته».
نعلم أن لا شيء أبدًا يبقى على حاله، وأن التغيير سُنَّة الله في هذا الكون؛ فالحياة تتقدم، تتحرك، تتطور، ومن الطبيعي والصحي أن يواكب الإنسان هذا النمو السريع، أيضًا على الإنسان أن يأخذ ما هو مقبول وصحيح من هذا التقدم، وما يتناسب مع الأخلاقيات؛ فسلوكيات البشر تتغير طرديًّا مع هذا التقدم، وليس بالضرورة أن كُلّ تطوّر حديث هو سليم ومقبول ويُحتذى به.
وقد أظهر لنا هذا التطور في السوشل ميديا الكثير من مواهب الشباب المفيدة والابتكارات العظيمة، وما كانت تصل لنا لولاها، والتعميم السلبي لا يجوز وغير صحيح.
إنها معركة شرسة تحتاج إلى تكامل وتكاتف اجتماعي، تربوي، ثقافي؛ حتى لا نُصاب بهذه الانتكاسات المصاحبة لهذا التطور.
نقطة ضوء
«لا بد لنا أن لا نسعى ونطمح لأن نكون نسخة من حياة أشخاص آخرين، ولا نتأثر ونصدّق كل ما نقرأه ونشاهده من خلف الشاشات؛ من خلال هؤلاء الأشخاص الذين يُطلق عليهم بالمؤثرين؛ فهم بَشَر مُعرّضون للخطأ، وأن نستخدم هذهِ الوسائل فيما ينفع؛ كنشر الوعي والعلم بصورة تجعلنا نحافظ على القيم الإنسانية الخاصة بنا كأشخاص مستقلين، ولا نكون مجرد نسخة مكررة ومشابهة لغيرنا. «تمارة عماد»