«الجزيرة» - الرياض:
يصدر قريبًا عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» التقرير الإستراتيجي السابع للعام 2022م، وهو تقريرٌ سنوي يرصد ويحلِّل المتغيرات والتحولات الإستراتيجية في البيئة الدولية، وفي الشرق الأوسط والترتيبات الإقليمية، والحالة الإيرانية ومتغيرات ساحتها الداخلية والخارجية. والذي سيكون متاحًا كاملًا عبر موقع المعهد وعبر صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي، إذ ركز التقرير على استشراف المتغيرات الإستراتيجية وتفاعُلاتها من خلال التطورات المنظورة في العام 2023م.
وعليه؛ فقد رجح التقرير اتجاه السياسة الخارجية السعودية إلى مزيد من تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي، وطرح مبادرات غير تقليدية ولا نمطية وفق منظور يتسق مع التحديات العالمية الجديدة.
وفي التحولات الإستراتيجية في البيئة الدولية، توقع أن تُلقي الحرب الروسية-الأوكرانية بتداعياتها على الأمن والنظام الدوليين، وفق أحد أربعة سيناريوهات، إما حرب عالمية ونووية، أو التوافق على التسوية، أو الحرب طويلة الأمد، أو اللاحرب واللاسلم. كما ستهدد الحرب الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لدول العالم مع تزايد الديون. وتوقع أن يشهد العالم مزيدًا من التدهور في قضايا الأمن غير التقليدي.
أما التحديات أمام أوروبا ومستقبل الصراع في أوكرانيا، فستتجه إلى أحد سيناريوهين، إما أن تستمر الحال القائمة في أوكرانيا الشرقية بالنسبة إلى خط المواجهة، أو أن تحقق أوكرانيا انتصارًا عسكريًّا أو أن تشنّ روسيا هجومًا عسكريًّا مضادًّا ناجحًا.
وإزاء التصعيد الأمريكي-الصيني حول تايوان فقد وضع التقرير عدة اتجاهات للتصعيد خلال عام 2023م، إما الحرب، أو التصعيد المنضبط، أو التأرجح ما بين تصعيد وتهدئة واحتواء التوترات.
واستشرف التقرير رؤى مستقبلية حول مواجهة الولايات المتحدة لطموحات الاتحاد الأوروبي لتحقيق مشروع «الاستقلال الإستراتيجي»، واستعراض الصين لقوتها الناعمة وتهديداتها الجيوسياسية والاقتصادية، والاستقطاب الداخلي المستمر في ضوء الانتخابات الرئاسية لعام 2024م، وتحديات داخلية اقتصادية واجتماعية، واستمرار تهديد روسيا الجيوسياسي لأوكرانيا ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى.
وعن مستقبل جماعات العنف وحركات «الإسلام السياسي» فتوقع التقرير استمرار أزمة تشظي وانقسام أحزاب وحركات «الإسلام السياسي»، وأفول مستقبل «القاعدة» وعلاقتها بـ»طالبان»، واستمرار حرب الاستنزاف بين «طالبان» و»داعش» خلال العام المقبل. وفيما يتعلق بالتحولات الإستراتيجية في البيئة الإقليمية، توقع أن مستقبل الحضور الأمريكي في الشرق الأوسط سيكون في أحد اتجاهين، إما المزيد من الانخراط وتكثيف الحضور، أو تراجع النفوذ وتوتر العلاقة مع الحلفاء ودور أكبر للمنافسين. كما توقع أن تستمر السياسة التركية النشطة لتعزيز مكانتها وقوتها إقليميًّا ودوليًّا. أما المعضلات الداخلية التي ستواجه إسرائيل، فهي استمرار حالة الانقسام والاستقطاب، وتصاعد التحديات الأمنية الخارجية.
وفي الحالة الإيرانية توقع التقرير أن إيران مرشَّحة خلال العام 2023م للعديد من الاحتجاجات، مع اتّساع الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، واحتمالية انعكاسها السلبي على النظام السياسي. وسيتحمل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إخفاقات النظام، كما يُتوقَّع أن يتحرَّك لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة، في حال فشل التوصُّل لاتفاق حول البرنامج النووي، وسيستمر في تبنِّي سياسة «التوجُّه شرقًا» بإقامة علاقات جيدة مع الصين وروسيا، وفتح مسارات للحوار والتهدئة مع الدول الإقليمية، خاصةً دول الخليج.
ويتوقَّع أن يتزايدَ إشراف «الحرس الثوري» على الوضع الأمني، وتشكيل وحدات متخصصة تابعة له. كما يرجّح أن يستمر الخلاف الشيعي-الشيعي في التصاعد. وعن مستقبل التعاون الدفاعي الإيراني مع الصين وروسيا يتوقع أن تبقى بكين مبتعدةً بحذر من تقديم دعم واسع النطاق لموسكو وطهران، بينما يستمر التعاون العسكري الإيراني-الروسي خلال 2023م.
كذلك توقع التقرير أن يشهد عام 2023م، في ملف العلاقات الخليجية-الإيرانية، إما تحسن العلاقات، أو زيادة التوتر، أو الهدوء الحذر. وفي الأزمة اليمنية، توقع إما أن تتوصَّل المحادثات الحالية إلى هدنة هشّة جديدة، أو أن يأخذ مجلس القيادة الرئاسي بزمام المبادرة عسكريًّا، أو أن تواصل الميليشيات الحوثية عرقلةَ التسوية السياسية. وفي العراق، إما أن يشهد انتهاء الصراع الشيعي- الشيعي أو جموده أو تجدده.
وعن اتجاهات الدور الإيراني في سوريا فستكون وفقًا لأحد مسارين، إما مواصلة تنامي الدور الإيراني، أو بقاء الوضع على ما هو عليه. كما توقَّع تراجعًا تكتيكيًّا للنفوذ الإيراني بلبنان ووكيله «حزب الله» خلال 2023م.
وعن التحركات الإيرانية على الساحة الدولية، استشرف التقرير ألا تعطي تسوية الخلافات النووية ضوءًا أخضر بشأن حلحلةِ الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران، كما سيزداد العداء بدوران إيران في محور القوة الشرقية. وتوقع أن يشهد العام 2023م تعاونًا إستراتيجيًّا أكبر بين إيران وروسيا. كما توقع في ظل اجتماع بكين وطهران في «منظمة شنغهاي»، وانضمامها المرتقب في تكتُّل «بريكس»، ستتحدَّى هذه الكتلة تفرُّدَ الولايات المتحدة كمركزٍ أُحادي القطبية. ورجّح التقرير أن يشهد العام 2023م تصاعدًا في التوتُّرات بين إيران وأوروبا. كما ستتأثر العلاقات الإيرانية -التركية بالملف السوري وارتداداته على الملف العراقي مما سينعكسُ على نشاط الميليشيات الشيعية. أما عن مآلات العلاقات الإيرانية بدول الجوار الآسيوي خلال 2023م فتوقع أن يستمر رئيسي في بناء شراكاتٍ وإقامة علاقاتٍ معها.