عبده الأسمري
تتجلى «ومضات» الاستذكار وتتعالى «إمضاءات» الذاكرة بشكل يومي «عبر» شاشات الفكر وأمام استدعاءات «التفكير» فيبحر الإنسان بين شواطئ من الاستدعاء المفترض ومن الاجترار المفروض فتتوالى «الذكريات» وتعبر في ترتيب تفرضه «الأولوية» وتعاقب تحتمه «الأهمية».
يترسخ أول «فصول» المعرفة في أمثل «أصول» التلمذة التي تشكلت على ناصية «التعليم» وتهيأت من ماهية «التعلم» وبدأ الإنسان كتابة أولى حروف «الهجاء» الأمر الذي اتجه به إلى الخروج من «عباءة» الأمية والاتجاه إلى كفاءة» الهوية» من خلال العلوم التي امتثلت لمطالبه وتماثلت أمام مواهبه ليكتب «مشاهد» الحضور المعرفي والذي بدأ من الصفر ثم تزايد وتنامى في «القيمة» وفق الإلهام والمهام.
تتباين قدرات «البشر» ومقدرات «العمر» في دروب «المعرفة» التي تظل «ميداناً» مفتوحاً ينتظر «الماهرين» و»البارعين» ممن أضاؤوا مسارب «الانتظار» العلمي بإضاءات «الحضور» المعرفي وأناروا «متاهات» الروتين» الدراسي بإمضاءات «الوجود» الثقافي ليملأوا «فراغ» الجهل ببشائر «الإضافة» في المعارف والإفاضة» من المشارف التي ترفع «رايات» الاعتزاز وتعلي «غايات» الإنجاز.
من المؤسف أن يظل الإنسان جاهلاً عن «الفوائد» المؤكدة و»العوائد» الأكيدة للمعرفة نظير استسلامه للروتين التعليمي والاعتياد الدراسي بغية الحصول على وظيفة أو نيل مرتبة مما يجعله شخصية مبرمجة توجهها «مصالح» الذات وتبرمجها «مطالب النفس مما يوقعه في مغبة «الفائدة» الوقتية و«المنفعة» المؤقتة التي تلبي «حاجات» الحياة المادية بينما يحرم عقله وفكره وروحه من «ملذات» المعارف» التي تساهم في تعزيز «السلوك» وفي رقي «المسلك» وفي تحول الشخص إلى «عنصر» مفيد بدلاً من وجوده كعامل مستهلك.
تعلو همم المجتمعات بمدى «المعارف» التي ارتبطت بإسهامات العلماء ومساهمات الأدباء ومبادرات النبلاء ممن سجلوا «النجاحات» من وحي الأقلام ودوي المهام التي كتبت للبشرية «مواعيد» جديدة و»وعوداً» سديدة من الابتكار والاختراع والإبداع تجلت في الإنتاج المعرفي والعطاء العلمي وكانت بمثابة «الفجر» الجديد ومثوبة «الأجر» المديد الذي حطم «قيود» الغفلة وبدد ظلام «الحيرة».
في كل الحروب والحملات المعادية بين الشرق والغرب وبين الإسلام والكفر ظلت «أعين» المستعمر و»مطامع» المحتل على المكتبات والتراث التاريخي والإرث المعرفي والشواهد في ذلك كثيرة الأمر الذي يعزز دور المعرفة ومقامها الكبير وقيمتها العظيمة لأنها المعيار الحقيقي والمؤشر الواقعي والمقياس المؤكد لتقدم الشعوب وحضارة البلدان.
وفق مقاييس التاريخ وسجلات التنافس تحل المعرفة كمنبع للسيادة الفكرية والريادة التنموية والتي تعكس نماء الأوطان وتنمية الإنسان ووقوفها في موقف «الدفاع» عن المقدرات والترافع عن المقومات الأمر الذي يجعلها على «قائمة» الانتصار والاقتدار والاعتبار على مستوى «التخطيط» وفي محتوى «التنفيذ».
المعرفة الأداة المثلى التي تنبثق منها «بصائر» التفكير وتتشكل منها «مصائر» التقدير وهي «السمو» الذي تزدان به «العقول» الباحثة عن الضياء واللاهثة وراء العطاء في خدمة الإنسانية وإعانة البشرية وتوظيف القدرة المعرفية القادرة على «صناعة» الفارق و«صياغة» الفرق لتأهيل أجيال متمكنة في «إضاءة» مسارات «النجاح» بوقائع الكفاءة وحقائق التفوق.
نحتاج إلى الخروج من «دوائر» الروتينية البائسة المعتمدة على «الاستفادة» من حصيلة العلوم في خدمة الذات وتحويل المعنى الاعتيادي للمعرفة من وسيلة للكسب الشخصي إلى غاية للاكتساب العقلي وتوظيف هذا المفهوم وفق «ثقافة» النفع التي تركز على بناء «المجتمع» بآراء «النصح» ورؤى «التوجيه» مع ضرورة تسخير العقول في خدمة المأمول على مستوى الخطط الوطنية والأهداف التنموية والاحتفاء الحقيقي بأصحاب المعارف لأنهم الأحق بأن تتوجه إليهم بوصلة «الاقتداء» و»الاحتذاء».
المعرفة مشروع عظيم وفاخر يرتقي بهمة «البارزين» ويسمو بمهمة «المبدعين» وهو مخزون ممتلئ بكنوز «الفكر» والتي تحتاج إلى «توظيف» فعلي لإنتاج العقلاء ونتاج الحكماء والذين يملكون أسرار «التمكن» وينتظرون اعتبار «التمكين» لأنهم صناع «المكانة» التي تنهض بالمجتمع وتضئ دروب المستقبل بعطاءات متزايدة تجعلنا سائرين بين دواعي «الانتصار» ومساعي «الانتشار» حتى يتردد صدى العز ويتمدد مدى المنجز في كل الاتجاهات والآفاق.