د. محمد بن صقر
لعلي أستهل هذا المقال بمقولة سمو ولي العهد أن «العرب سوف يسابقون على التقدم والنهضة مرة أخرى.. وسوف نثبت ذلك كل يوم». هذه المقولة لها أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والوطنية والقومية فالأحداث التي نشهدها في العالم حالياً تقدم لنا مفهوماً جديداً في بروز عظمة الدول وقوتها حيث الأمر لم يعد يقتصر على القوة العسكرية أو امتلاك التكنولوجيا المتطورة أو الأسلوب الاستخباراتي أو حتى القوى الناعمة فالأمم تنتصر بحسب خصائص تمتلكها لدى شعوبها فمتى ما امتلكت هذه الشعوب هذه الخصائص وهذه الثقافة الأممية فإنها لا محال سوف تنتصر, حيث يروي ثيوسيديدس وهو مؤرخ إغريقى شهير، صاحب كتاب تاريخ الحرب البيلوبونيسية ويعد أول المؤرخين الإغريق الذين أعطوا للعوامل الاقتصادية والاجتماعية أهمية خاصة. ويعتبره مجتمع العلوم السياسية أبًا من آباء مجال العلاقات الدولية لما كتبه من تشريح للعلاقات بين أثينا وإسبرطة أثناء الحرب بينهما، وقد بين كيف أن الكورنثيين حلفاء الإسبارطيين قد أغفلوا تنامي أثيناء وأن الأثينين مدمنو إبداع وأنهم يصممون ويفكرون ويسرعون في التنفيذ وأن لديهم عبقرية في الحفاظ على ما لديهم، فهم كما يصفهم لديهم رغبة ابتكار مطلقة. فهم كما وصفهم آخر باختصار إنهم ولدوا في العالم كي لا يمنحوا أنفسهم الراحة ولا يمنحوا أحداً أي راحة».
إن هذه الإستراتيجية الاثنية منذ قرون عدة هي ما تسير عليها إستراتيجية المملكة في وقتنا الراحل فالمملكة تفكر وتنفذ وتبدع في الابتكار وابتكار أدوات الابتكار وبناء الجسور الدولية وتنوع الاقتصاد إضافة الى هذه الخاصية وبحسب دراسات وبراهين قامت عليها بعض مراكز الأبحاث مثل «مؤسسة راند» RAND Corporation لصالح «دائرة شبكة التقييم» التابعة لوزارة الدفاع الأميركية حيث بينت عبر دراسات تحليلية ومراجعات علمية وتقييمات منهجية من قبل مؤرخين مستقلين تضمنت اعتمادها على سوابق تاريخية ومظاهر تطورات اقتصادية وتكنولوجية، ومجالات أخرى كثيرة غيرها، أن الخصائص الوطنية التي مثلت عبر التاريخ أساساً لنجاح الأمم في تحقق النجاح التنافسي تميل إلى أن تعكس سبع ميزات أساسية، تتمثل في طموح وطني، وفرص مشتركة للمواطنين، وهوية وطنية جامعة ومنسجمة، ودولة فاعلة، ومؤسسات اجتماعية ناشطة، وتشديد على التعلم والتكيف هذه المميزات التي خلصت إليها الدراسة نجدها متوفرة في رؤية المملكة وهي ما تعمل عليها سواء على الصعيد المحلي أو الدولي فليس لدى أحد شك في وجود الطموح الكبير لدى القيادة في المملكة وما سبب ذلك في انعكاس لدى الشعب الذي أصبح ديدنه ليس العمل من أجل العمل وإنما العمل من أجل التأثير وبناء الأثر وأيضاً طموحات كبيرة تجاوزت النظرة المحلية وامتدت لتصدير التجارب والممارسات وقصص النجاح التي تصنع بيد المواطنين أن الشباب في مجتمعنا والمراقب عن كثب لأنشطتهم يجدهم يبحثون عن التميز في المشاركات والابتكار سواء على المستوى المحلي أو المستوى الدولي ليس المجال في ذكر بعض الإنجازات الدولية التي فاز بها شبابنا وشباتنا فالعبرة في الحراك التنافسي والتشاركي أيضاً نجد أن الهوية السعودية حاضرة في كل المناسبات والفعاليات والإنجازات فالأصالة والتاريخ هو نبراس تتحدث به الدولة فعلى سبيل المثال المناطق التي قدمت الإنجازات والفعاليات والابتكارات تجدها تحرص على تقديم الثقافة السعودية المتنوعة لتبين للمجتمع المحلي والعالمي مفهوم هذه الثقافة وقيمها وكيف تترجم عبر الافتخار بها في كل الأعمال والإنجازات, إن المملكة لم تكتف بطموح عالٍ وبث روح الحماس لدى شعبها بل إنها تجاوزت حدود المملكة وأصبح هذا الطموح في جميع الدول العربية فهي تتسابق مع الدول لمتقدمة لكي تصل إلى قمة العطاء والتفرد والريادة مصطحبتنا معها في هذا الدور الدول العربية .وختاماًأن المملكة ساعية في ركب الدول العظمى التي سيكتب التاريخ عنها وعن أعماله الشيء الكثير.