م. بدر بن ناصر الحمدان
في 2022م بدأت هيئة التراث السعودية في تأسيس مركز متخصص لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في البحر الأحمر والخليج العربي بوصفه جزءاً من جهود المملكة واسعة النطاق في حفظ تراثها، تقارير اليونسكو تقول إنه «يرقد تحت المياه حوالي ثلاثة ملايين سفينة ومدينة غارقة، فضلاً عن الآلاف من المواقع العائدة إلى حقبة ما قبل التاريخ ومن الآثار البشرية، وهي كنوز تمثل جميعها تراثاً ثميناً للبشرية»، كما اتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في عام 2001م تؤطر المبادئ الرئيسة لأعمال حماية التراث المغمور بالمياه وتحدد منظومة الشراكة والتعاون بين الدول وفق قواعد علمية وعملية لصون هذا التراث والمحافظة عليه واستكشافه.
التراث الثقافي المبني والمغمور بالمياه يشمل البيئة المبنية أو التراث العمراني على السواحل من مدن غارقة وغير غارقة وموانئ تاريخية وجزر مؤهلة بالسكان، أو ما يمكن تسميته بالتراث العمراني البحري، هذا الحقل من العلوم أمر مثير للاهتمام كونه لا يقتصر على العلوم الأثرية فحسب، بل يمتد إلى تناول التجمعات العمرانية المتاخمة للسواحل بكافة تفاصيلها، ومفرداتها، وعناصر المعمارية والعمرانية.
عمارة السواحل، سواء البحر الأحمر أو الخليج العربي تأثرت بشكل كبير من الانصهار الثقافي الذي حدث على مرّ سنوات طويلة، ونتج عنه فكر معماري وأساليب وتقنيات بناء تطورت عبر الزمن من خلال الانفتاح على العالم الآخر، خاصة عبر الموانئ التاريخية التي لعبت دوراً رئيساً كنقطة وصول واتصال عبر البحر.
الحقيقة أن مجرد التأمل في تفاصيل رحلة الغوص إلى الأعماق للبحث عن حطام سفينة غارقة تحت الماء شيء مذهل جداّ، فما بالكم لو كانت رحلة إلى مدن غارقة بأكملها، لذلك هذه دعوة لكل الزملاء المهندسين المختصين في العمارة والتخطيط العمراني لمغادرة اليابسة والتفكير بشكل جاد لخوض غمار تجربة جديدة في أعماق البحار كجزء من فريق مركز حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، حتماً ستكون تجربة فريدة.