محمد سليمان العنقري
ملتقى الاستثمار البلدي الذي أُقيم الأسبوع الماضي في العاصمة الرياض يعدُّ مبادرة في غاية الأهمية لتسويق الفرص الاستثمارية في كل مناطق ومدن المملكة وبقطاعات اقتصادية عديدة، لأنها تجمع كل هذه الجهات من القطاعين العام والخاص بالمستثمرين والباحثين عن الفرص تحت سقف واحد، فعدد الفرص المطروحة ضخم وقدر بخمسة آلاف فرصة، وسُخِّرتْ إمكانات كبيرة لإنجاح الملتقى والذي يعدّ واحداً من مبادرات عديدة لجذب الاستثمارات والتعريف بالفرص التي تولدت مع تفعيل الأنشطة الاقتصادية بعد إطلاق رؤية المملكة 2030، فالوصول لأن يكون القطاع الخاص ممكناً من دور فاعل بالناتج المحلي بالتأكيد يتطلب التوسع بعرض الفرص الاستثمارية باستمرار وبالوسائل الممكنة كافة خصوصاً مع التوجه لأن تلعب المدن دوراً بارزاً بزيادة النشاط الاقتصادي، وهو ما يتم العمل عليه من خلال ما يُطرح من مشاريع تطوير بالبنى التحتية وكذلك تأسيس هيئات تطوير شملت كل المناطق والمدن الرئيسة.
فوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وفرت إمكانات كبيرة ليكون تنظيم الملتقى على مستوى الهدف المنشود منه، حيث تم توزيع المعرض الضخم بعناية لأن تكون أقسامه ميسرة للزائرين الوصول لغايتهم، فمن يرغب بأن يزور أمانات المناطق سيجدها في قسم خاص لها وكذلك أقسام رواد الأعمال ومسرعاتها، إضافة لشركاء من القطاعين العام والخاص وزعت حسب تخصصها، كما أن أوقات عمل المعرض كانت طويلة وموزعة على فترات اليوم بما يسمح لأي شخص أن يزور المعرض وفق الوقت المناسب له بعد أن يسجل في منصة مخصصة للمعرض. فكل هذه الترتيبات كان لها أثر جيد بزيادة الحضور للمعرض، فالخبرة كبيرة بصناعة المعارض في المملكة وفي عالمنا اليوم تكثف الدول التي لديها خطط اقتصادية للتنمية طويلة الأجل من عدد المعارض وتنوعها لكي تبقي أعين المستثمرين مفتوحة على ما يُطرح من فرص، فالمنافسة العالمية على جذب المستثمرين كبيرة جداً، إضافة إلى كل الأنظمة والتشريعات الجاذبة لهم والتي تبقيهم قريبين من السوق وما يظهر فيه من فرص، فجذب المستثمرين ليس بالأمر السهل ويتطلب تكاملاً في كل الجوانب الجاذبة له وهو ما عملت عليه المملكة منذ ستة أعوام حيث أصدرت وعدلت عشرات الأنظمة والتشريعات لتهيئة بيئة صحية للاستثمار بالاقتصاد الوطني والنتائج التي تحققت كانت كبيرة قياساً بالظروف الاقتصادية العالمية المعقدة، كما أن معدلات النمو الاقتصادي بالمملكة كانت الأفضل بين دول مجموعة العشرين العام الماضي ويتوقع استمرار النمو للعام الحالي ولأعوام قادمة بفضل السياسات الاقتصادية المتبعة والمدعومة ببرامج ومشاريع الرؤية، ولذلك فإن التحدي يبقى في جذب المستثمر بعد أن وُفِّرت الممكنات من قبل الدولة لذلك تشريعاً وتنظيماً ودعماً بالسياسات النقدية والمالية، فجذب المستثمرين يتطلب جهوداً من قبل كل جهة ذات علاقة بقطاع اقتصادي على كل المستويات والأمانات والبلديات على رأس المعنيين بطرح الفرص الاستثمارية، فمدن المملكة تزخر بها وكل منطقة لها ميز نسبية يمكن أن تحقق من خلالها دوراً كبيراً بالناتج المحلي، ففي الملتقى دارت نقاشات مع العديد من الموظفين الموجودين في منصات كل أمانة زرتها حول الفرص المتاحة بمختلف أحجامها وكانوا جميعاً بمنتهى التجاوب مع أي استفسار، لكن ما لم أره هو أن يكون بكل موقع لأي أمانة عرض مرئي متواصل عن المنطقة والفرص فيها ومعلومات رئيسة عنها، وكم معدلات نمو الاستثمرات فيها بكل قطاع خلال آخر خمسة أعوام إذا أمكن ذلك، إضافة إلى الحاجة لنشرات تعريفية تتضمن مثل هذه المعلومات. أما أصحاب المشاريع الخاصة من رواد الأعمال فكان يفترض أن يستغلوا هذه الفرصة التي وفرتها لهم وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بهذا الملتقى ليقدموا منتجاتهم بطرق تسويقية أكثر مهنية وليس الاعتماد فقط على التعريف بالمنتج، وهو ما كان ملاحظاً، فأغلبهم كلف موظفاً ليعرِّف فقط بالمنتج دون أن يتمكن من الإجابة على الأسئلة الأهم التي على أساسها يتشكل قرار المستثمر أو العميل الراغب بالتعامل معهم.
الملتقى بفكرته وتنظيمه حقق نجاحاً مهماً بخطوة نوعية لجمع هذا الكم الكبير من الجهات والمستثمرين في مكان واحد، وهو ما تشكر عليه الوزارة لأنه نتاج مجهود ضخم إضافة لإنشائها لموقع وتطبيق باسم (فرص) يمكن الاطلاع من خلاله على الفرص المتاحة. وبالتأكيد سيتم تقييم ما تحقق في الملتقى وما يحتاجه من تطوير مستقبلاً وإضافات إذا كان سيتكرر سنوياً مثل التسويق للفرص سواء من أدوات وأفراد ذوي تخصصات دقيقة بكل نشاط اقتصادي. فالتسويق صناعة ذات أهمية بالغة وهي من يعكس كل الجهود التي بُذلت لتطوير البيئة الجاذبة للاستثمار في المملكة، ومنها المعارض التي تطورت وأصبحت صناعة حقيقية ومنافسة في منطقة الخليج والشرق الأوسط.