د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تساءلنا كثيراً: هل يحتاج التعليم إلى بطاقات تشغيل جديدة لتواكب شعار (إيلاء التعليم الأولوية كوسيلة للاستثمار في البشر؟!) وهو شعار اليوم العالمي للتعليم لهذا العام 2023 ، وهل الحراك البحثي والطروحات المنبرية في هذا اليوم سوف تغيِّر نمط التعليم السائد؟! حيث نعلم أن الأدوات تطورتْ وبقيتْ المنظومة التعليمية كما هي بمفرداتها وعلاقاتها وأقطابها! حيث نفتقد حتماً الجانب التطبيقي الذي يعطي جوانب من الطلاقة ومهارات التفكير الشاملة وبناء الفكر الخاص الذي من خلاله تُحلُّ المشكلات! وحيث توجد كثيرٌ من المعطيات المشاهدة والملحة لذلك التساؤل! لأن التعليم لا يحتاج إلى تطوير، بل يحتاج إلى مواكبة واقع العصر والحِراك لعمارة الكون والحياة؛ بمعنى أن الأدوات الحالية ومنهجية التشغيل لا يمكن الاتكاء عليها لإحداث الفكر البشري المراد لتشكيل التنمية البشرية وقيادة الاقتصاد العالمي نحو كل البيئات في أرجاء المعمورة، فالأجيال الحاضرة ناقلة للمعرفة ولكنها لا تصنعها، وصناعة المعرفة مستهدف رئيس!
ومن خلال جملة ما اطلعنا عليه في اليوم العالمي للتعليم في 24 من شهر يناير الجاري من الطروحات والرؤى والبرامج والمشروعات التي تنتجها دول العالم، وتستهدف أن يكون التعليم استثماراً في البشر وهي في جملتها تتجه إلى تصحيح حياة المدارس، حيث تحتوي حياة المدارس حالياً على كل شيء عدا ممكنات النهوض بواقع الحياة، من خلال ترقية العقل البشري وصناعة المبدعين المبتكرين وذوي المهارات التي تحمل مفاتيح الحياة باحترافية عالية!
نستذكر في اليوم العالمي للتعليم أن الثورة التعليمية تتطلب التركيز على القيادات التنفيذية! ونستذكر أن يحظى المحتوى المعرفي بود وعيون بصيرة! ونستذكر كفاءة التشغيل، وإن كانت لا تعني حتماً مجتمعات المتعلمين، حيث يعنيهم مخرجات التشغيل التي تظهر في معارف المتعلمين ومهاراتهم التي هي تطوير للفكر الإنساني عندهم وهو المحرك للثروة البشرية.
ونستذكر في اليوم العالمي للتعليم الإستراتيجيات التي تُسفر عن عقول نامية قادرة على مواجهة التحديات، وأن يمس التغيير وعي المتعلمين وحسهم وفكرهم تجاه الحياة. ونستذكر في اليوم العالمي للتعليم أهمية فهم وإدراك الصورة الكلية الكبيرة للواقع التعليمي المحلي والعالمي وما يحقق النسخ الجديدة للاستثمار البشري المعرفي الشامل؛ ودون ذلك الفهم النظري يكون مستحيلاً إجراء أي توقعات موثوقة، أو وضع إستراتيجيات تتمتع بفرص كبيرة للاستمرار، فلم يعد اكتساب المعرفة أولوية بقدر اختراع تلك المعرفة!
ونستذكر في اليوم العالمي للتعليم أولوية إعداد الناقل التربوي المتميز «المعلّم» ودمج التطوير المهني في التدريس وتحديده لمقابلة حاجات ملموسة عند المعلمين، فالتدريب أثناء الخدمة يصقل المعرفة ولكنه حتماً لا يوجدها!
ونستذكر في اليوم العالمي للتعليم أن تكون المهارات من أولويات السياسات التعليمية اليوم، وحيث إن مهارات المستقبل لا يمكن الاستدلال عليها في غالبها اليوم، فالأهم إيجاد علاقة حقيقية بين التعلّم والحياة اليومية للطلاب، فالطلاب يستطيعون التعلّم بصورة أكثر عمقاً عندما يطبِّقون تعلّم المحتويات الصفية على المشكلات الحقيقية للحياة؛ بمعنى أن وضع المتعلّم في بيئته الطبيعية يعد عنصراً جوهرياً في تصميم الدروس.
وختاماً في اليوم العالمي للتعليم نتمنى أن يعيد المختصون أنسنة التعليم في عصر الآلة (التكنولوجيا)، وذلك بالتركيز على المهارات الاجتماعية والوجدانية عند الطلاب وكل عام والتعليم أكثر واقعية!