علي الزهراني (السعلي)
يئنّ كطفل انفطم عن ثدي أمه فجأة، بدأ يتلوّى على جنبه يمنة ويسره، يتقلّب كأفعى تريد الخلاص من جلدها..
مرّ يومان عليه وهو على حاله، باتت حياته منغّصة، الأولاد لاحظوا ذلك، في طريقة ردّه عليهم، حاول وحاول حتى انفجر في البيت صراخا، شغالته حوله تأتي بالزيت المغلي مرّة ومرات تسمعه سورة البقرة، أطفأ التسجيل دلغ الزيت على السجادة فانكفأ حاولت أن تمسحه صفعها بيده..
اليوم الثالث زاد الألم أكثر، أخذ شماغه الأبيض المهترئ عاضّا عليها، وعائلته حوله إلا زوجته تتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير تتابعهم في حركاتهم وسكناتهم، وهو يلاحظ ذلك صامتاً وعيناه ترميان بشرر إليها، وهي لا تلقي له بالاً!
قبل الإحساس بوجعه ضربها ضرباً مبرحاً لأنه أخذ هاتفها يريد ممازحتها على غفلة منها، فقامت واشتاطت وكادت تضربه بعصا المكنسة، تضربه وتوعده تقاومه على أخذ هاتفها منه، وهو ينظر إليه مندهشا مستغربا يسأل نفسه «ما لذي في هاتفها حتى تغضب هكذا؟!» الظنون دخلت قلبه وهما على هذا الحال دخل مسمار في باطن قدمه قذف بهاتفها عاليا فكسره وهي تبتسم ضاحكة بقولها: أحسن، الحمد لله!
ومنذ تلك اللحظة وهما في البيت جسدا بروحين خارجه!
اليوم الرابع لم يتحمّل، قرر أن يذهب إلى الطبيب باقتراح من بنته الكبرى والتي تنظر لأمها نظرة عروس اختفى عريسها في ليلة زواجها، حاول ابنه مساعدته فسقط أبوه حاسر الرأس، فاقد الوعي، أطفاله الصغار يبكون بابا بابا بابا ...
فاق أخيرا على رائحة البصل مررته الشغالة على أنفه ...
اليوم الخامس، في آخر الليل نعست عيناه أخيرا كأن حربا تنتظره بعد لحظات، حين صحا قرر أن ينزع المسمار أخذ منشفته الحمراء وأدخلها في فمه وتمت العملية هو المريض والطبيب معا!
خرج أخيرا ودموعه تتساقط على خد زوجته قائلة لها:
يا فلانا أنت طالق، بيتي يتعذرك يا بنت الناس السلام عليكم..
سجد لله شكراً وحمد لله قائلاً: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
سطر وفاصلة
سقط.. والتقطه الساحل
نما في بحر الظلمات وصعد
ارتجّ كحمامة ترقص من الألم
تهاوت دمعة حمل أوجاعه
ورحل
سألوا عنه..
قالوا:كان هنا استلّ حزنه
وغرزه في الرمل وبكى
وحين التفت وجد جدران بيته
تودّعه
قال عمدة الحي لا بد من عمل تمثال له
جاء رجل من أقصاه
قبل أن يتحدث انقطع لسانه