سهوب بغدادي
يعرف الهوس بحالة من الثبات على شيء، قد يكون ضارًّا أو غير ذي نفع في المقام الأول، وقد يرتبط بالاضطراب وعدم الاتزان في الأفعال، ولا يقصد بالهوس هنا معناه الطبي، حيث نعاصر اليوم أنواعًا من الهوس، من أبرزها هوس الشهرة، وهوس الغنى والثراء، وهوس الجمال والتجميل تباعًا، وهوس الرشاقة والصحة، وهوس الاستهلاك بغض النظر عن ماهية السلعة، فيما ألقي الضوء اليوم على نوع آخر من الهوس ظاهره إيجابي وبديع وباطنه سلبي ومضنٍ، ألا وهو هوس الحصول على شهادات، إذ يتردد على مسامعي سؤال ما الشهادات التي يجب أن أحصل عليها؟ أو ما رأيك في الشهادات المهنية، لدرجة أن المخادعين والمتسولين على تويتر انتقلوا من أسطوانة زيادة المتابعين وتوثيق الحسابات إلى الشهادات المهنية والدبلومات بكل سرية واعتماد من الجهات المطلوبة، فهل أصبحت موضة أم هي حقًا احتياج ومتطلب في المسار الوظيفي؟ بداية يجب أن يوجه الشخص سؤاله لجهة عمله، فلا يعتقد أن جهة عمله ستتفاجأ وتندهش من تلك الشهادة أو الدبلوم أو الدورة التدريبية، ثم تقوم برفعه إلى أعلى السلم الوظيفي, كلها تحصيل حاصل، ما لم توصِ الجهة بالحصول عليها واشتراطها لأغراض الترقية والمكافآت وما إلى ذلك، من ناحية متصلة، قد تكون نافعة في حال رغبة الشخص في تغيير مساره الوظيفي فتصبح الشهادات المهنية حلًا أبسط وأسرع من الدراسات الأكاديمية والدراسات العليا، إنها ليست محاولة للتقليل من شأن العلم وقدره ووقعه على تفكير المتعلم بل هي محاولة تقنين وتسخير الوقت والجهد والمادة في مواطن النفع، ولا يعني ذلك أن يركن الإنسان ويفتر، إذ تعد مهارات التواصل والذكاء الاجتماعي إحدى أبرز المهارات التي قد تنقل الشخص إلى أفلاك لامعة، فكل ما تحتاجه هو نفسك مع مجموعة مهارات ناعمة وبعض من العلم الكافي في مجالك، وكم سمعنا عن شخص بارز في عمل لا يمت إلى تخصصه بِصلة.