رمضان جريدي العنزي
الجهل المركب هو أن لا تدري، ولا تدري بأنك لا تدري، وكم من بليد ابتلي به المجتمع في غمرة النرجسية المقيتة، لاعتقاده بأنه في طليعة الرجال المميزين، وهو عبقري في الكذب، ودعي في العلم والمعرفة، بعيداً عن العقل والموضوعية، لديه مفارقات عجيبة، ومعادلات مزرية، وتناقضات بائنة، واهن وضعيف، يركب موجة الجهل غروراً وتعالياً وكبراً وعنداً، نرجسيته العالية، وذاتية المسيطرة، وغياب الحس المرهف، والأخلاق العالية، والتواضع الجميل، والوعي العميق، والحديث اللبق، جعلته يقوم بأدور مخالفة للعرف والمنطق. شخصية الجاهل مهزوزة، وليس لها ثبات، ولا أس متين، إن الجاهل عدو نفسه، لا يملك العقلانية، والحكمة عنده غائبة، والضمير ميت، والجاهل وأن كان متعلماً، وحاصل على شهادة تعليمة، ولديه مهارات تدريبة، لكنه جاهل في بعض الأمور أو جلها، فعلى سبيل المثال: إن كان أحدهم لديه شهادة دكتوراه في تخصص ما، إلا أنه غير مؤهل في الوقت نفسه لفهم العلوم المتوعة والمختلفة الأخرى، ولا يعرف كيف يتحدث ويتكلم وينظر في المجاميع والندوات والمجالس الخاصة والعامة، وليس لديه المقدرة والمعرفة في إيصال رسائله وأفكارة بطريقة سلسة ومنطقية وتحوز على إعجاب المتلقين. إن الجاهل الظلامي، هو الذي يتبنى الجهل منهجاً واسلوباً وطرحاً، وقد يمنع الآخرين من التعلم والاستنارة، أن على هؤلاء الجهلة أن يفهموا ويعوا بأنه مهما ارتفع الإنسان، وحصل على الشهادات والدورات، فهو سيبقى بحاجة لاكتساب المعرفة للتأقلم مع متغيرات الحياة، وفق ذهنية معتدلة، لها قابلية في الفهم والوعي والإدراك، وهذه المعرفة تشمل فهم الحياة، وفهم التغير والتبدل، وفهم التطور، وفهم الارتقاء، وفهم العلاقات الاجتماعية، وفهم السلوك البشري المختلف والمتنوع، وفهم التأقلم مع الآخر والتعايش معه أيٍّ كان. بالتأكيد لا أحد يملك المعرفة التامة، ولا العلم الكامل، والجهل ليس داء ووباء فقط، إنما الإصرار عليه هو المرض والوباء والداء، فطوبى لمن أدرك هذه الحقيقة، وسعى لتطويرة نفسه وترقيتها، وانتشالها من حيز الجهل، ودهليز الظلام، إلى فضاءات الضوء، وقناديل الضياء.