عطية محمد عطية عقيلان
رغم التطور الهائل على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وسهولة إيصال ما نريد، إلا أن نهج «الصياح» بقي وسيلة تعبير منذ الأزل لم يتبدل أو يتغير، والتطور الذي ناله هو ليكون ذو تأثير أكبر، من خلال إضافة مؤثرات صوتية أو تعبيرية، وما يميز «الصياح» أنه نهج مفهوم، ولا يحتاج إلى ترجمة، والجميع يعرفه سواء الكبير أو الصغير، وقد يعني ويعبر عن الحب أو الحزن، في حال فقدان أو مرض عزيز، وقد يمارس عن كره وحقد وضغينة وحسد، في حال تقدم وغنى شخص أو بلد أو شركة أو ناد.. إلخ، وقد يكون الصياح تعبير يتم فجأة ودون سابق إنذار، وقد يكون ممنهج ووفق خطط مدروسة وتوافق جماعي على توحيد «الصياح»، ولا سيما عند تحقيق أعدائهم، للنجاح والتطور والتقدم والتفوق، وأسوأ أنواع الصياح الذي يمارسه الشخص دون قصد أو توجيه، ويعتقد أنه يخدم مجتمعه، من خلال الصياح على السلبيات التي يراها، وعرضها عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويضخمها ويسلط الضوء عليها ويجتزئها من سياقها، وتأثره بمن تعصب لرأي أو جماعة، أو إعلام مزيف أوكره لناد معين. والنهج العالمي في «الصياح» ممتد من الشرق إلى الغرب ويمارس في كثير من الأحيان بحرفية عالية وفق أدوات متطورة للتأثير على الآخرين، من خلال استخدام معلومات وأرقام مضللة لتبرير هذا الصياح على تلك البلد أو الشخص أو الشركة...، وقد تجده في الإعلام التقليدي أو منصات التواصل الاجتماعي، أو عبرمنظمات دولية من هنا أو هناك، ولم تسلم المنابر الدينية منه أيضاً، بالصياح على ذاك البلد أو الشخصية العامة أو مشروع معين.. إلخ، وهناك صفات عامة تجمع جماعة «الصياحين» منها:
- يفهمون في كافة المجالات ولديهم القدرة على الفتوى والتنظير فيها والصياح بحرفية.
- استخدام النبرة العالية وألفاظ وشتائم وتهم بلا حدود أو رادع أخلاقي.
- القدرة على الكذب والتضليل ولتلاعب بالألفاظ، وانتقاء الشاذ من الأخبار وتعميمه.
- قوة الصياح مرتبطة بالمصلحة الشخصية أو المادية أو الميول أوطلب الممول والدعم المادي له.
- يؤلبون الرأي العام وينشرون التشاؤم والإحباط والسوداوية، عند استهداف موضوع أو بلد بشكل عام.
- يجيدون التلون والتقلب دون أن يرف لهم رمش، دون خجل من تناقضهم في الآراء والمواقف.
والمشككون يندرجون تحت نهج الصياحين، ومن الأمثلة عليهم، ما صرح الأستاذ عادل الجبير في منتدى دافوس الاقتصادي «لا أود أن أحبط المشككين، لكن مدينة نيوم هي حقيقة وذا لاين، هي حقيقة، إنها مشاريع تحويلية، لم يرالعالم مثلها، ستغير بشكل جذري وثوري، الطريقة التي يرى فيها العالم المدن، والتخطيط العمراني، إنها لطريقة تفكير خارج الصندوق، بشكل لم يتم تجربته من قبل، وهي قيد الإعمار بينما نتحدث الآن»، كما رأينا خلال الأيام الماضية كيف كان «الصياح» من الشرق والغرب على تعاقد نادي النصر السعودي مع البرتغالي كريستيانو رونالدوا، فشمل إعلاميين، ورياضيين، ودعاة، وتهم بالهدر المالي والفشل في الصفقة وأنهم أولى بتلك الأموال، مع تأكيدهم على الفشل قبل أن تبدأ مسيرته في السعودية. وهؤلاء المتشائمون الصياحية، لن يتوقفوا مهما كانت النتائج فدوما، لا يرون إلا العيوب ويمتهنون النقد والإحباط، ويجدون ضالتهم، بالصياح الشعبوي الذي يجذب الناس لهم، ومن ثم يجذب من يمول هذا الصياح بثمن مادي.
خاتمة: عزيزي القارئ لي ولك، هي دعوة بعدم الانجراف وراء كل «صياح»، فهناك من يؤلمه نجاحك الشخصي، أو تقدم بلدك أو تطورها، وأذكر بمقولة غازي القصيبي- رحمه الله- «أصدقاؤك يستطيعون التعايش مع إخفاقاتك، ما لا يستطيعون التعايش معه، هو نجاحك»، وهذا ينطبق أيضاً على البلدان والشركات والمشاريع والأندية..، يقول الممثل الهزلي، شارلي شابلن «الحياة قد تصبح رائعة، إذا تركك الناس وشأنك»، وأضيف عليها، تأكد أنك على سكة النجاح، إذا زاد وارتفع صياح الآخرين ضدك.