محمد سليمان العنقري
لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله, لم يكن قائلها يعلم أنها ستصبح مضرب مثل عند العرب على مر الأزمان فالحاسد مليء بالحقد ولا يتمنى الخير لأحد, وعندما تنظر بحاله تجد أنه لم يحقق شيئاً تذكره الناس له إلا سوء الخلق, ففي السنوات الثلاثة عشرة الأخيرة منذ أن بدأت الفوضى تدخل لبعض الدول العربية والتي كانت كالمحاسب العظيم لتكشف الواقع الحقيقي ليس لتلك الدول من حيث ضعف بنائها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بل والفكري, وكيف زرعت أفكاراً لعقود طويلة بأنهم الأعلى ثقافةً وعلماً وأن شعوب الدول العربية الغنية تحديداً الخليجية لا تملك ما لديكم من العلم والمعرفة والتطور لكن كل هذا الزيف تبخر عند ظهور الحقيقة وتحول دولهم لفاشلة ومنهارة اقتصادياً واجتماعياً بفضل سياسات عقيمة حكمتهم لعقود وجعلت من مواطني تلك الدول ضحية لأفكار مشوهة عن العالم بأسره وأن دولتهم فقط هي من تحرك العالم وزعاماتهم محور الكون وتحقق النجاحات الباهرة وذلك لإخفاء تلك الحكومات خيباتها التنموية على شعوبها التي تستحق كل الخير.
لكن الحقيقة لابد وأن يأتي يوم وتظهر وهو ما يعيشه العالم العربي اليوم فقد اتضح حجم الفروق التنموية بين الدول الخليجية مع بعض الدول العربية من حيث التنمية وبناء الإنسان والتقدم العلمي والتكنولوجي والاستقرار لأنها دول وظفت قياداتها الرشيدة كل الإمكانيات لتقدم دولها وشعوبها حتى أصبحت البقعة المضيئة ليس بالشرق الأوسط بل في العالم حسب وصف مديرة صندوق النقد الدولي بالوقت الذي يمر فيه العالم بأزمات مركبة ومعقدة سياسياً واقتصادياً وصحياً، فالحقد والحسد ظهر بمواقف كثيرة من بعض مدعي العروبة عند قيام أي دولة خليجية بتحقيق تقدم وازدهار في اقتصادها وتنميتها بداية من تجاوز أزمة كورونا وتقديمهم لأفضل نموذج عالمي برعاية صحية واجتماعية قدمت لسكان دول الخليج من مواطنين ومقيمين إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي هي من الأفضل عالمياً ولعل أكثر ما يحرك حقد هؤلاء ما تقوم به المملكة العربية السعودية من تقدم على كافة الأصعدة بعد إطلاق رؤية 2030, فالمشاريع العملاقة التي بدأ تنفيذها هي من الأميز عالمياً والحراك الاقتصادي والثقافي والسياسي وتحول المملكة لوجهة مهمة للمستثمرين وتمتعها بأقل معدلات الدين بين دول مجموعة العشرين التي تمثل 80 بالمائة من اقتصاد العالم وكونها الدولة العربية الوحيدة بهذا التجمع المهم وكذلك دخولها لنادي الدول التي يتجاوز ناتجها التريليون دولار لأول مرة بكل تأكيد لا يسرهم ويضعهم بحرج كبير أمام مناصريهم لأنهم كذبوا عليهم لعقود إننا دول تعيش على البترول أي تصرف مما تبيع وكأنهم لايرون أن كل موارد النفط حولت لاستثمارات وتنمية واسعة وبناء للإنسان, فاليوم يوجد بالمملكة أكثر 7 ملايين طالب بالتعليم العام و 1،3 مليون طالب جامعي وعشرات الآلاف من المبتعثين أما اقتصادياً فقد حققت المملكة تحولات اقتصادية مهمة ونشطت لديها العديد من القطاعات الاقتصادية الجديدة.
وعلى صعيد جودة الحياة والاهتمام بالرياضة السعودية فإنها تسير نحو تحقيق أهدافها بزيادة مشاركة المجتمع وكذلك تحويل النشاط الرياضي لقطاع اقتصادي حيوي ولأجل ذلك وظفت إمكانيات كبيرة على كافة الرياضات بهدف تنشيطها وتطويرها وجذب الاستثمارات لها ولأجل تعزيز هذا النشاط يتم استقطاب نجوم عالميين للاحتراف بالدوري السعودي لكرة القدم وغيرها من الألعاب.
ولكن يبقى الحدث الأبرز الذي أثار حفيظة الحاقد والحاسد هو تعاقد نادي النصر السعودي مع النجم العالمي كريستيانو رونالدو فقد أطل زعيم ميلشيا حزب الله بخطاباته المعهودة ليتحدث عن هذه الصفقة مطالباً بدعم لبلده لبنان من قبل السعودية والخليج متناسياً دوره بدعم الحوثي ضدنا وإطلاق الصواريخ على مدن المملكة وكأنه يعتقد أن أموال دولنا لا تنفق على ما يعود بالنفع عليها وعلى شعوبها ففي خطابه حاول أن يرمي بالفتن كعادته من خلال ذكر طلب الدعم لمصر ولبنان وايضاً تلميحه إلى أن دول الخليج تنبهر بالنجوم متغافلاً عن الحقيقة بأنه لا يأتي أحد لدولنا إلا لأنه قادم بصفقة لمنفعة متبادلة بحسب ما سيضيفه من قيمة سواء كانت شركة أو شخصيات مشهورة بمجالاتها فالمملكة تعمل على خطة متعددة المسارات للترويج لمشاريعها العملاقة وقطاعاتها الاقتصادية الواعدة وكل ما حدث وسيحدث مستقبلاً من فعاليات أو استقطاب لنجوم بمجالات عديدة يصب في صالح خدمة الترويج والتسويق لاقتصادنا ورفع مستوى جودة الحياة, وبعيداً عن أي شرح لمثل هذه الصفقات، فإن حال بعض السياسيين العرب ومن يؤيدهم حول نظرتهم لدول الخليج وللسعودية تحديداً أصبح مثيراً للسخرية ولا يبتعد كثيراً بعض الإعلاميين السياسيين من فلسطين عن طلب الدعم بمقدار حجم صفقة رونالدو لتحرير القدس فلماذا لا يطلبوا الدعم من بعض السياسيين ورجال الأعمال الفلسطينيين الذين يملكون المليارات فهم أولى بأن يقدموا كل ما يملكون لأجل قضيتهم قبل غيرهم من العرب بل والأغرب أن يقدم كل هؤلاء النصائح لدول الخليج حول ما يجب أن تقرره لتنمية اقتصاداتها فكيف يقدمون النصائح لدول تقدمت بسنوات ضوئية عن دولهم فلو استثنينا شركات التفط والغاز فإن بعض الشركات الخليجية العملاقة حجم إيراداتها يفوق الناتج الإجمالي لدول من يتحدثون بحقد أو حسد عن المملكة أو يقدمون لها النصيحة التي يفترض أن يوفروها لدولهم ففاقد الشيء لا يعطيه فكل ما يقدمونه لشعوبهم الخطب الرنانة وهي تذكرنا ببعض الأعمال الفنية التي لا تكون ميزانياتها مرتفعة فيضطر المخرج لإدخال تعليق بصوت أحد الممثلين ليختزل به مشاهد لا يملك مالاً كافياً لتصويرها, فخطباء تلك الدول يطبقون ذات الطريقة فهذه الخطب تعويض وتخدير يغطي الفشل بالتنمية والوضع الاقتصادي السلبي الذي تعيشه دولهم.
الفجوة التنموية باتت كبيرة بين دول الخليج العربي وأولهم المملكة مع بعض الدول العربية التي مازال يسيطر عليها سياسيون من حقبة الشعارات الفارغة والذين لم يقدموا لدولهم إلا الخراب والدمار والفشل التنموي والاقتصادي وانهيار العملة وظروف معيشية تنذر بانفحار ثورة جياع بتلك الدول التي تمتلك إمكانيات هائلة لكنها معطلة, فالتاريخ سيحاسبهم وشعوبهم لن ترحمهم أما دول الخليج فهي تسير نحو مواكبة القرن الواحد والعشرين والتحولات الكبيرة والمتسارعة فيه بما تملك من إمكانيات ودور عالمي رائد في التجارة الدولية وسلاسل الإمداد وأمن الطاقة عصب الاقتصاد العالمي وتبني وتعزز علاقاتها مع العالم وفق حجم المصلحة مع كل دولة.