رمضان جريدي العنزي
القرآن الكريم عالمي النطاق، لا يختص بأمة معينة، ولا بزمن معين، ولا بمرحلة معينة، ولا بمكان معين، إنه كتاب الله إلى البشرية جمعاء، أصفرها وأحمرها، أسودها وأبيضها، إنه منقذ البشرية وهاديها والكفيل بحل مشاكلها كلها، والآخذ بيدها نحو مرافئ السعادة والطمأنينة والسلام والعزة والكرامة، بعيداً عن الجهل والطلاسم والكهنوتية والتنطع والتفريط والخرافة، قال تعالى في محكم تنزيله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}، {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً}، وقال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}، إن هذه الآيات الكريمة وغيرها الكثير تدل دلالة واضحة على أن القرآن الكريم لعموم الناس والجن كافة دون تحديد أو تأطير، أنه يهدي إلى الرشد، ويبعد عن الشرك والكفر والفسق والعصيان، إنه الحق والعدل والمساواة، إنه دقيق ومتكامل، سهل يسير وواضح، متزن ومتراص ويشد بعضه بعضاً، وله أثر بالغ، إنه معجز ببيانه وخطابه، ولفظه وكلمه، تحدى الله به العرب والعجم والجن والإنس جميعاً أن يأتوا بسورة أو بآية، فما استطاعوا البتة، قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}، إنه كتاب معجز، أفحم الخطباء والبلغاء والمتكلمين والفلاسفة وأصحاب البراعة، إنه النور والدستور، والضوء والنبراس، والشرع والنبأ، والنهي والطلب والتنظيم والتحذير، والهداية والمنهج، مليء بالأخبار والقصص والمواعظ والحكم والعبر، إنه منهاج الخالق لإصلاح الخلق، من مقاصده تهذيب النفوس، وإصلاح القلوب، وتقويم الطباع، والدلالة نحو الصراط المستقيم، وأن يكون الحجة الدامغة، والبرهان الواضح، إنه أعز الناس جميعاً وشرفهم ومجدهم وسؤددهم ونصرهم وفخرهم، إنه يهدي الحائر والضال، ويأخذ بأيدي الناس إلى فضاءات السعادة والحبور والسرور، فيه الأنس والرفعة والتوفيق والسداد، إنه كتاب شامل كامل، فيه عدل وحكمة، وهيبة وجلال، وقوة وتأثير وجمال، آياته باهرة، ومعجزاته ظاهرة، من تمسَّك به عُصِم، ومن اتَّبعه رُحِم، لا كفؤ له ولا مثيل، كتاب عزيز مجيد لا يدانيه شيء، كثير الخير والبركة والنفع، وفيه شفاء للأرواح والأبدان، وطارد للأسقام والأمراض، فيهمواعظ تثبت القلوب، وتبعد عن الفتن والذنوب والمعاصي والمصائب، ما سمعه عاقل إلا وشهد بأنه حق لا يأتيه باطل، تلاوته تجارة رابحة، فيه ذكر وفضل ورحمة وصفح ومغفرة، إنه كتاب كريم عزيز عظيم فريد، يرفع صاحبه، ويضع من عاداه، ولا طريق للهداية بدونه، من اتبعه هدي، ومن أعرض عنه ضاع وضل، ومن دونه تصبح الفتن والرياح والأعاصير تفتك بالناس أشد الفتك، وتجعلهم يقعون في الأوحال، وينحدرون نحو المستنقع والحضيض.