الطائف - «الجزيرة»:
نبّه فضيلة الشيخ الدكتور بدر بن علي بن طامي العتيبي الداعية والباحث الشرعي في أصول السنة وعلومها إلى تزايد ظاهرة التساهل والتهاون في الطلاق من بعض الرجال استهانة بالميثاق الغليظ، والنطق بالطلاق في أتفه الأسباب والأحداث وهو جهل وجرأة على حدود الله، مما يدمي القلب على مثل هذه التصرفات الظالمة المشينة.
وقال الشيخ الدكتور بدر العتيبي في حديثه لـ»الجزيرة»: إن مما عظم الله عز وجل من بين سائر العلاقات البشرية: عقد الزوجية، ووصفه الله تعالى بالميثاق الغليظ، لعظم ما يحصل بين الزوجين من كافة أبعاد العلاقة من المصاحبة والولد والاستمتاع وغير ذلك، ولما كان هذا العقد يثبت بكلمة الإيجاب والقبول بين الزوجين، جعل الله تعالى نقض هذه العلاقة بالطلاق الشرعي ثلاث طلقات! ولو كان من مقاصد الشريعة المسارعة بالفصل بين الزوجين لكان الطلاق الفاصل يقع بكلمة واحدة، ولكن الله تعالى من لطفه ورحمته جعل الطلاق ثلاث مرات لأن الطلاق عادة يقع بسبب وحال غضب ثم بعد انقشاع الغضب ربما يندم، ويطلب التراجع؛ فكان له السعة من الشارع بأن لديه الفرصة الأولى والثانية، والثالثة هي الفاصلة، وكل ذلك يدل على عظم شأن المرأة، وعظم أمر الطلاق وعدم الاستهانة والمسارعة به.
وشدد الداعية بدر العتيبي القول: إن مما يدمي القلب حين نرى الكثير من الناس يستهينون بالطلاق والنطق به في أتفه الأسباب والأحداث، وجعلوه غرضاً سهلاً للإزام على وجبة طعام، أو فوز فريق، أو قيمة سيارة, فيحلف الحالف بأن زوجته طالق إن لم يفعل كذا، وعلي بالطلاق أن تفعل كذا، وطلاق علي إن فلاناً فعل كذا، وكل ذلك من الجهل والجرأة على حدود الله، والتلاعب بالميثاق الغليظ، وهو وإن كان بدعياً لم يأذن الله تعالى به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم إلا أنه في قول جمع غفير من أهل العلم يقع، مشيراً إلى أن الطعام أهون من أن يحلف عليه بالله تعالى باليمين الصادقة, فهو أشد هواناً من الحلف عليه باليمين البدعية، ونقض الميثاق الغليظ، والمخاطرة بالحياة الأسرية، والعلاقة الزوجية، كما أنه من الجهل والجاهلية أن يرى بعض الجهال أن يمين الداعي للوليمة والمتكلم لا تكون جازمة ملزمة إلا حين يحلف بالطلاق, وأن من حلف بالله قد لا يكون جازماً في قوله؛ وهذا من الجهل بدين الله تعالى، ومن قلة تعظيم شعائر الله، ومن اختلاف المفاهيم في فهم مراد الله ومراد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأكد د. العتيبي أن من الواجب على المسلمين من باب التعاون على البر والتقوى، والتناصح فيما بينهم: إنكار هذا الفعل المشين، والقول المرفوض، وعدم قبوله، وإبطال هذه الألفاظ المخالفة للشرع.