«الجزيرة» - فهد السميّح:
ودَّعت محافظة الخرج مساء الاثنين 16/ 1/ 2023 ابن الوطن البار نجم المنتخب ونادي الكوكب الدولي السابق الخلوق شايع النفيسة -رحمه الله- حيث اكتظ مسجد الملك عبدالعزيز بالمصلين مما دعا الكثير منهم أن يصلي في ساحات المسجد الخارجية، وامتد ذلك الحشد الكبير من الناس في مقبرة الثليما التي دفن فيها جثمان شايع -رحمه الله- كان الجميع يعزون أنفسهم على فقدان شايع المتواضع البشوش المحب للخير للجميع.. شايع الإنسان الصادق النيل عفيف اللسان كريم الطباع، لم يغضب طوال تاريخه الرياضي منه أحد وهذا بشهادة كل من رافقه في الملاعب وحتى خارج الملاعب كان صديق الجميع.
بداية شايع الرياضية
بدأ شايع حياته الرياضية في منتصف السبعينات الميلادية بعد أن سجل في كشوفات نادي الكوكب في لعبتي كرة القدم والسباحة، حيث كان النظام في السابق يسمح لكل لاعب بالمشاركة في لعبتين لعبة زوجية ولعبة فردية، تألق شايع في بدايته في السباحة وكان سباحاً بارزًا ولاعب كرة قدم موهوبًا، وحاول مدرب فريق كرة القدم مع شايع أن يركز على كرة القدم ويوليها كل اهتمام لثقته في موهبته، وبالفعل نجح المدرب إبراهيم العيسوي فيما ذهب إليه حيث زج بالموهوب شايع وهو في سن الخامسة عشرة من عمره مع الفريق الأول، حيث بزغ نجم رابح هداف الفريق الأول وساهم في صعود الفريق الأول إلى دوري الدرجة الأولى لأول مرة في تاريخ النادي وكانت مباراة الكوكب أمام نادي الشرق بالدلم على مستوى درجة الشباب، والتي انتهت بفوز الكوكب بخمسة أهداف دون مقابل سجلها جميعها شايع هي السبب في انضمامه للمنتخب. وكانت شركة (جيمي هيل) التي استعان به اتحاد الكرة آنذاك لتطوير المنتخبات السعودية هي من ساهمت في اكتشاف شايع وساهمت في انضمامه للمنتخب الذي مثله في 32 مباراة لعب منها 23 مباراة أساسيًا سجل فيها 10 أهداف، ويأتي الهدف الأبرز هدفه في نهائي القارة الآسيوية أمام الصين الذي فتح أفقًا جديدًا للمنتخب مع البطولات كما سجل في منتخبات إندونيسيا والجزائر والكويت وقطر وعمان ونيبال، وتعتبر بطولة الخليج الخامسة في بغداد 1979 هي أول بطولة خليج لشايع مع المنتخب فيما تعتبر مباراة منتخبنا أمام منتخب إندونيسيا في 12 من ديسمبر من عام 1980 والتي كسبها المنتخب بـ(8 أهداف) سجل شايع منها هدفين حيث انتصر الأخضر بثمانية أهداف نظيفة هي أول مشاركة لشايع حيث توالت مشاركاته مع الأخضر في تصفيات كأس العالم 1982 وفي كأس الخليج التي أقيمت في الإمارات عام 1982 وكأس الخليج التي أقيمت بعمان عام 1984 وفي كأس الخليج التي نضمتها البحرين عام 1986، فيما كان عام 1992 آخر عهد لشايع مع الكرة حيث لعبت الإصابات دورًا كبيرًا في اعتزل شايع للكرة نهائياً بعد دورة الصعود التي أُقيمت في نجران.
شايع وعروض الأندية الكبيرة
بعد بزوغ نجومية شايع تلقى العديد من العروض من أندية الهلال والنصر والاتحاد ولكن شايع استمر في الكوكب لأسباب تتعلق بوضع الكوكب في ذلك الوقت حيث كان أحد الفرق المنافسة على الصعود لدوري الممتاز، وساهم في صعود الكوكب لدوري الممتاز مرتين واستمر فيه حتى انتهاء مشواره مع الكرة وهو في سن مبكرة حيث لم يتجاوز 29 ربيعاً.
«الجزيرة» تواجدت في منزل شايع الذي أقيم فيه العزاء والتقت بشقيقه الأكبر حارس الكوكب والمدرب السابق يوسف، والذي ذكر أن شايع كان باراً بوالديه قريباً من إخوانه وأخواته واصلاً للرحم مع الأقارب وفياً مع أصدقائه وجيرانه لا يتوانى في حضور المناسبات العائليه، ولا يمكن أن يرد طلبًا لأي شخص، فكان في مقدمة حضور الاجتماعات العائلية. وسقول يوسف: «وكان آخر اجتماع مع شايع أنا وأشقائي وشقيقاتي يوم الجمعة، كان صديقًا للجميع ومحبًا للخير».
كما التقت «الجزيرة» بابن شايع -رحمه الله- مشاري الذي حمد الله على قضائه وقدره وقال: الحمدلله والدي أدى صلاة الفجر يوم الأحد مع الجماعة كما هي عادته ومن ثم تناول وجبة الفطور ودخل في الغرفة التي تعود على الجلوس فيها، وتوفى وفاة طبيعية في مكانه ولم يكن يعاني من أي أعراض، ونحن نحمد الله الذي أخذ وداعته وما يهون الأمر هو جموع المصلين الذي اكتظ بهم المسجد والمقبرة وكذلك الذكر الطيب للوالد عند جميع من يعرفه وذكرهم له بالخير مما يخفف من مصابنا». وأشار مشاري أن والده كثيراً ما يحرصهم على تعاليم دينهم وصلة الرحم واحترام الآخرين وكان حريصاً على مستقبلهم الدراسي، وقال: «والدي لم يكن مجرد والد بل كان أخاً وصديقاً لنا أنا وإخوتي»، وأكد مشاري أنه وإخوته لن يتوانوا في التواصل مع جميع أصدقاء والده والاطمئنان عليهم وحضور منسباتهم، وقال «هذا أقل واجب ووفاء لأصدقاء والدي».
النعيمة: شايع محبوب من الجميع
«الجزيرة» تواصلت مع كابتن المنتخب السابق الإمبراطور صالح النعيمة الذي بدأ حديثه بتقديم واجب العزاء لعائلة شايع وللمجتمع الرياضي كافة في وفاة واحد من النجوم القلائل الذين حضروا بمحبة الجميع كما وصفه النعيمة حيث ذكر أن «شايع نعم الأخ فهو طوال مسيرته الرياضية لم يغضب منه أحد، كان صديقًا للجميع، يتمتع بالأخلاق والعلاقات الجيدة حتى بعد اعتزالنا الكرة كان يتواصل معي وآخر تواصله معي وأنا في رحلتي العلاجية الأخيرة»، وأشار أبو فهد أن شايع قدم الكثير من التضحيات للمنتخب وأسعد الجماهير الرياضية بهدفه في مرمى الصين الذي كان نقطة الانطلاقه نحو البطولات للمنتخب، وقال أبو فهد «للأسف أننا لا نتذكر البارعين إلا بعد وفاتهم وهذه ليست مشكلة رياضية بل مشكلة المجتمع غالباً».
فيما بدا الحارس الأمين عبدالله الدعيع متأثرًا بدرجة كبيرة وقال «شايع رفيق دربي وأخي الذي لم تلده أمي، كنت أنا وشايع في جميع المعسكرات نسكن في غرفة واحدة وكان شايع يوقظني من النوم لصلاة الفجر»، وأشاد بالوفاء الذي يتمتع به شايع من خلال تواصله معه وقال «لم أذكر أنه تنرفز في الملعب وكان يحاول بقدر الإمكان أن لا يغضب منه أحد، وكان نعم الأخ والصديق» وقال «مهما تكلمت عن شايع لن أوفيه حقه ويظل شايع عراب بطولة أمم آسيا 1984, والعلامة البارزة في تحقيقها».
«الجزيرة» تواصلت مع نجم الكوكب السابق ورفيق درب شايع الكابتن خالد الجاسر الذي ذكر أنه فخور بمعرفة ومعاشرة شايع الإنسان اللاعب الخلوق، وأشار أن مشواره مع شايع امتد لأربع عشرة سنة مع الكوكب حيث كانا يسكنان في غرفة واحدة ذائقين خلالها الحلوة والمرة مع بعضهما، وأوضح الجاسر أن شايع قدم الكثير من التضحيات ويقدم مصلحة الفريق وزملائه على مصلحته الشخصية وكان داعماً لجميع اللاعبين، وقال إن شايع رغم ما يتعرض له من مخاشنات واستفزاز من المنافسين إلا أنه تميز بالهدوء وعدم الاستجابه للاستفزازات، وقال شايع جمع بين الموهبة والقوة البدنية والفكر الفني مما جعله يتفوق على الكثير من أقرانه، فهو يملك الحس التهديفي والمهارة والتسديد بالقدمين والكرات الهوائية، إضافة إلى أنه يجيد صناعة الأهداف، وقال الجاسر رغم أنني صانع ألعاب في الكوكب إلا أن شايع صنع لي أكثر مما صنعت له، وتذكر الجاسر إحدى المباريات لشايع مع المنتخب أمام المنتخب المغربي حيث تعرض شايع لمخاشنة من مدافع المغرب نتج عنه شرخ في قدمه من ركبته حتى كعب القدم وواصل شايع اللعب، وبعد المباراة قدم الأمير فهد بن سلطان نائب رئيس اتحاد القدم آنذاك الشكر لشايع أمام زملائه اللاعبين. وفي ختام حديثه قال الكابتن خالد: ليس أمامنا إلا الدعاء لشايع أن يتغمده الله برحمته ويسكنه فسيح جناته.
فيما قال سليمان الطفيل كابتن فريق الشعلة السابق والصديق المقرب لشايع لأكثر من خمسين سنة، حيث درسا الابتدائية والمتوسطة مع بعضهما وتخرجا من المعهد الملكي معاً، وقال سليمان: من النادر أن نفترق أنا وشايع الذي أعتبره أخي الذي لم تلده أمي، فمهما قلت في شايع أظل مقصرً في حقه، فهو يستحق منا الكثير حيث كان رمزاً للوفاء والطيبة مع الجميع، منذ عرفت شايع لم أذكر أن أحداً غضب منه داخل الملعب أو خارجه. وقال الطفيل «رحم الله شايع الرمز الذي أحبه الجميع كما أحببهم».