علي الزهراني (السعلي)
يقول الشاعر شوقي بغدادي عن الطفل:
هنا في فراغ القلب طاروا وحوّموا
فراشاتِ حقلٍ في عيوني تُدَوّمُ
أراهم مدى عمري فكلّ قصيدةٍ
أغنّي قوافيَها التي تُشتهى همُ
أحبّهم في العيد فرحةَ بيتنا
مع الفجر قاموا، وارتدوا ثمّ سلّموا
أحبّهم عند الشتاء إذا غدوا
فضجّ بهم صفٌّ وناء معلّم
فإن رجعوا فالبيت منهم قصائدٌ
تُعادُ، وأرقامٌ مئاتٌ تُنظّم
الحقيقة أن أطفالنا فلذات أكبادنا تمشي على الأرض نرى أنفسنا فيهم ونحلم بالأيام والسنين ليكون سواعد فتية لمستقبل مشرق في حياتنا وقادم أحلامهم، أطفالنا هم الوحيدون الذين نتمنّى أن يكونوا أفضل منّا ونحن ينبت في أفواهنا ابتسامة الفرح..
هذه مقدمة لما فعلته مع عائلتي بناتي وأولادي قمنا في رحلة لنكشف ذواتنا أنا وهم وهم وأنا هي تجربة بحرية ثرية خلصنا جميعا أننا للأسف لم نكن نعرف اتجاهاتنا ميولنا أحلامنا مستقبلنا كيف نكون وبسؤال عريض «مَنْ نحن ؟».
شرطت علينا بنتي الكبيرة بأن نغلق هواتفنا نعزل أنفسنا من مواقع «التقاطع» الاجتماعي وفعلا حاولنا الالتزام بشكل كبير ونجحنا أخيرا، العجيب اكتشفت صدفة أو بالأحرى اكتشفنا أننا مع تسارع الحياة ووتيرتها المتقلبة والروتين الملل صباح مساء، أننا لا نعرف بعضنا سوى بالأسماء وصفات كل واحد مِنّا من خلال لعبة «من أفضل» وفعلا بدأنا مغمضي العينين سوى السائل هكذا يعود السؤال عبر من أكثر من أجمل من أحب واحد منا عبر أفعل التفضيل!!
المصادفة وحدها اكتشفت واكتشفوا ميولي وميلوهم رغباتهم ورغباتي ماذا نحب ونكره من الأستاذ أو المعلمة الذي ترك بصمة فينا وهكذا العجيب في هذا اللعبة الجميلة انداهشنا من بعض تقصيرنا وربما الكثير بخلا غنى طمعا نفاقا من يحفظ السِرّ ومن يكتمه.
إن هذا الذي مارسته مع عائلتي هو ثقافة اللعب مع الأطفال شبابا وصبايا، ترك هواتفنا دون شبكة الكترونية انفصلنا عن عالم خارج واقعنا كله مآسي وآلام وحوادث وقيل وقال، وفلان تزوج، وفلانة تطلقت، المشهور الفلاني صور حادثا ومشهورة تسلّقت على اكتاف متابعيها، واللاعب ذاك يأخذ أكثر ممّا يمارس دفع الكرة يمنة ويسرة ويسجل اهدافا!
إن الجلوس مع أطفالنا نسمع ذواتهم ونكتشف مواهبهم الثقافية والأدبية… ليس عبثا بل ثقافة في عمق التراث كيف؟! حسنا قمنا في آخر الرحلة بالمشي على ضوء القمر كل يفصح عن أحلامه أمانية وأكثر لعبة شعبية يحبها وشاهدها وقمنا بالفعل بممارستها بما أني ربّ عائلتي باستذكار العابنا القديمة من زمن الطبين..
سطر وفاصلة
بُنيْتي يا فرح السماء يا عطر الأرض يا سور الحب العظيم
يا نبض قلبي يا صديقتي يا نديمة الطفولة أنتِ
يا يميني يا وسط فؤادي ترقص وأنا أغني
يا أختي يا كاتمة اسراري وقارئة أخباري
أهديك نصي وحروف مسكي يا أثير الزمان
يا اكسير الحياة في حياتي
حفظك الإله حبيبتي حتّى يبلغ صوتي مداه