عبده الأسمري
للهوية أبعاد متعددة واتجاهات عديدة وتأتي هوية «الديانة» على رأس الهويات التي تجمع البشر تحت وحدة الدين وتنطلق منها سلوكيات ومسالك تعكس هيئة المنتمين إليها في ظل فارق وافتراق وتباين وتباعد بين الشرع الإسلامي القويم وبين «ديانات» أخرى ويتلخص ذلك في عناوين «القيم» ومضامين «السلوك» التي ترتقي بالمسلم إلى أعلى درجات «العزة» وأسمى مستويات» الاعتزاز».
الحرية منطلق مكفول للجميع تحت مظلة الدين وفي إطارات محددة وقواعد ثابتة من الأنظمة التي تكفل للجميع ممارستها وفق الأصول الشرعية والفصول الحياتية شريطة أن لا تتحول الحريات إلى مسارح «مفتوحة» تتجاوز الخطوط الحمراء والتي قد تخالف «عقيدة» أو تعاكس «منطقاً» أو تتجاوز «نظاماً» أو تأذي «مجتمعاً»..
الحرية أساس كفله ديننا الإسلامي الحنيف وفق منطلقات «وثوابت» تعتمد على السواء وتتعامد على الصواب وفق مساحات ذات حدود لا يتجاوزها إلا «مخطئ» ولا يتعداها إلا «مدان» في ظل اتجاهات محددة تكفل للجميع وفق النظام كل «الحقوق» الشخصية التي ترتبط بواجبات أساسية تحت مظلة» اللوائح» وظلال «القوانين»..
ترتبط الحرية بهوية الإنسان فمن يحمل «وثيقة» نظامية صادرة من الدولة بأنه ينتمي إليها من المواطنين أو ممن يملك حق الإقامة في البلد عليه أن يحترم حريات ومشاعر وحياة الآخرين قبل الشروع في ممارسة حريته التي تعكس مستوى تفكيره ومدى تدبيره لسلوكياته في هذا الجانب الذي يفرق بين «العاقل» و»الجاهل» ويميز ما بين «المصيب» والمخطئ»..
تتبدل أوجه الحياة وتتغير ساعة الزمن وفق «عقارب» التطور وهذه من سنن الله جل شأنه في الدنيا مما يقتضي أن يقوم «العقل» بإدارة السلوك وفق ما يستوجبه النظام وعلى ضوء ما يحتمه المنطق بعيداً عن الرؤى الشخصية والاجتهادات الذاتية واستغلال «الحرية» المستوجبة إلى «غواية» مشجوبة تصدر منها «سلوكيات» مستنكرة و»تصرفات» مستهجنة.
لو أراد الإنسان أن يميز مستويات الحرية وفق المقبول والمرفوض عليه فقط أن يستقرئ ردات أفعال الآخرين على مجمل «الأغلبية» وفي إجمال «الأكثرية» فإذا رأى أنه في دائرة «الرفض» وفي مساحة «الإنكار» فليعلم أنه قد وقع في «الأخطاء» الذاتية في حريته التي شكلت «تشوهاً» سلوكياً أجمع عليه الأغلب وأكده الأكثر بأنه سوء خارج مساحة السواء.
هوية الإنسان هي عنوانه «الرئيس»، وهي المعني الحقيقي المرتبط بفكره وتفكيره وسمعته وسلوكه وإذا كان حريصاً على السمعة فعليه أن يحذر من تشويه هويته والإساءة إلى هيئته من خلال حريته المضللة التي تجتاز أسوار «الحذر» فتقع في منحدرات «الخذلان» وفي ظلمات «العصيان».
هنالك العديد من «التيارات» والكثير من «التحديات» وأكوام من «الجمر» المتقد تحت «رماد» الحرية والتجارب «الساذجة» بالتشبه بالمختلفين فكراً والمختلين سلوكاً «مخاطرة» تبين نتائجها من وقع المخططات الأزلية التي تبحث عن «غسيل» للأدمغة و»تأويل» للحقوق و»تسهيل» للأخطاء من خلال «موجهات» عن «الحريات» تصطاد «الطفل» وتحتال على «المراهق» وتتصيد «المرأة» وتخدع «الشاب» وتوهم «الراشد».
ترتبط «الحريات» القائمة على «الاستيراد» السلوكي والمتقاطعة مع «التغريب» الفكري على هدم نسيج «المجتمع» وتغييب وهج «القيم» والبحث عن «الجاهلين» بالعواقب والساذجين بالنتائج في ظل «هرولة» مؤلمة نحو «المجهول» و»عشوائية» بائسة إلى «الضياع» مما أوجد بعض «السلوكيات» الغريبة و»المسالك» المريبة الأمر الذي يستوجب وقف هذا «المد» الذي يحيط بنا من «بوابات» التطور ومن «فرضيات» التحضر واللذين يفرضان أن يكون «العقل» سيد الموقف في صناعة الحضارة بعيداً عن تصرفات فردية تقوم على تحويل معنى الحرية إلى تحرر وتغيير مبدأ الهواية إلى غواية..
الحرية أمنية متاحة للجميع متى ما كانت في مساحات «السوية» وارتبطت بالتهيئة السليمة وترابطت مع الهيئة الصحيحة الخالية من الخطأ والنقية من السوء وهذا ما يحتم إيقاع «عقوبات» وفرض «غرامات» وإنزال «قرارات» على كل من يقع في أخطاء تشوه صورة «المجتمع» أو سلوكيات تسيء إلى منظومة «القيم» والكل في ذلك مسؤول بحكم «الشرع» واحتكام «النظام».