اللافت والمثير في مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة أنه لا يستورد ولا يقلّد غيره من المراكز في مسيرة تطوره، بل يصنع نموذجه من نسيج إمكانياته وقدراته، حتى شكَّل نموذجاً ينافس فيه المراكز على مستوى العالم، جعله قبلة لكل ما يتعلق بالتصدي لقضية الإعاقة، حتى إن أحدث التقارير الدولية وصفته بأنه يتبوأ مركز الصدارة عالمياً في مجال التصدي لقضية الإعاقة والعمل على الحد من انتشارها.
والأهم ليس الموارد فحسب، بل الفكر الإداري الذي يدير ويخطط ويشرف وينفذ، الفكر الذي يجعل التجديد والتحديث عقيدته، لأن الارتهان للواقع والسكون يعني التوقف والجمود وبالتالي التأخر عن الآخرين، فهناك فرق بين المياه الجارية والساكنة، لذلك التطوير والتغيير سنّة مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة الدائمة.
من أسباب نجاح المركز ما بدأه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- قبل ثلاثين عاماً، ويسير به إلى أقصى الحدود لأنه الذراع القوية التي يبني، لذلك فالإشادة بالمركز مستحقة بدور الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين لجميع القضايا التي تخص الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي منحت حافزاً للعاملين في مجال الإعاقة للسير بخطوات راسخة تجاه تحقيق العديد من النجاحات والإنجازات، وأدت إلى تبنِّي الدولة العديد من البرامج والمبادرات التي تخدم قضية الإعاقة والأشخاص ذوي الإعاقة على وجه الخصوص في الاجتماع الثاني عشر للجمعية العمومية لمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، واللقاء الخامس عشر لمؤسسي المركز، الاجتماع الذي تم عقده برعاية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية.
الاجتماع الثاني عشر للجمعية العمومية لمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، واللقاء الخامس عشر لمؤسسي المركز، عنوان مرحلة جديدة يدخلها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة في مسار الرؤية السعودية 2030، للتغيير والتجديد الذي يبقيه في المقدمة من أجل التنافسية العالمية، وهو إشارة شديدة الوضوح لكافة فرق العمل في المركز بأن لا وقت للدعة أو التلكؤ أو التراخي، وأن المسؤولية هي وطنية وجماعية وعلى الجميع تحمّلها كلٌّ في موقعه، فمخرجات الاجتماع تعلن عمق التغيير والتجديد المقبل عليه مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة وعظمة الأمنيات وعلو سقف الطموحات، بالتعاون مع أفضل مراكز العلم في العالم، فالعمى والإعاقة لا يمكن أن يستمرَّا في ظل التطور العلمي والتقني الذي يشهده العالم، ما يعني أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى ممارسات أكثر سواء في الأعمال والأبحاث من خلال شراكاته العالمية والخبرات الدولية والمحلية التي تخدم الإعاقة للحد منها، والتخفيف من أثرها، ومساعدة الأسر على التعامل مع أطفالهم وذويهم.لذلك تم التأكيد على أهمية استثمار الفرص، حتى يكون المركز على قدر التحديات وبالتالي تحقيق إنجازات وإحداث قفزات، وبالتأكيد أن العاملين في المركز هم كفاءات مميزة على مستوى الإدارة التنفيذية، عملوا وسيعملون على استمرار عمل المركز مؤسسة نابضة، تتفاعل مع قضايا ذوي الإعاقة، وعلى أعلى المستويات، والمحافظة على إنجازاته أمام مراكز البحوث العالمية المعنية بالتصدي لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، ويلبي احتياجات الفئات التي تستفيد من خدماته.
هل سيكون هذا مستحيلاً؟ بالتأكيد لا، بل هو -بإذن الله تعالى - قريب، لأن جهود الثلاثين عاماً الماضية وضعت المركز في قائمة المراكز الأولى في تقييم تطبيق معايير الحوكمة والشفافية والمساءلة، علاوة على رصيد ثري من شهادات الإشادة والتقدير المقدّمة من جهات حكومية ورسمية تتولى الإشراف على أداء المركز مالياً وإدارياً وقانونياً، ما يعني أن العاملين في المركز والخطط والمرونة في تنفيذها وكذلك مؤسسو المركز وداعموه من أبناء الوطن من أفراد وشركات وبنوك وجمعيات ومؤسسات خيرية ومصارف وأُسر، منسجمة مع العزيمة القوية والإرادة الحكيمة قادرة على تحقيق النجاح والحصول على إنجازات رائدة وتسجيل جملة من الأهداف على أعلى المستويات، تنبثق منها لتحقيق أهداف أخرى جديدة تسابق عصرها، بروح التجديد مرة تلو الأخرى.
وختاماً أدعو الله -عزَّ وجلَّ - أن يحفظ هذا المركز والقائمين عليه، كي يواصل مسيرة العطاء والخير والنماء، ويظل صرحاً علمياً شامخاً يرتفع عالياً ليعانق بإنجازاته عنان السماء، وينتشر واسعاً ليبلغ بخدماته جميع الاتجاهات والأنحاء.