نجلاء العتيبي
«إن هذه القفزة السريعة المدهشة التي قفزها أبناء الصحراء، والتي بدأت من اللا شيء، لهي ظاهرة جديرة بالاعتبار في تاريخ الفكر الإنساني، وإن انتصاراتهم العلمية المتلاحقة التي جعلت منهم سادة للشعوب المتحضرة في هذا العصر لفريدة من نوعها، تجعلها أعظم من أن تُقارَن بغيرها، وتدعونا هنا أن نقف هنيهة متأملين؛ كيف حدث هذا؟ وكيف أمكن لشعبٍ لم يُمثِّل دورًا حضاريًّا أو سياسيًّا يُذْكَر أن يقف مع الإغريق في فترة وجيزة على قدم المساواة؟».
يؤكد لنا هذا النص الذي كُتِبَ عام 1967م بكتاب (شمس العرب تسطع على الغرب) للكتابة الألمانية: سيغريد هونكه؛ أنّ المستشرقين الذين جاءوا من الغرب لاستكشاف الشرق -مهما كانت دوافعهم وأغراضهم وتوجهاتهم- كانوا على معرفة جيدة بأهميته، ويعلمون مدى تأثير تطوُّره على خارطة العالم، ويُعزَى هذا الإدراك اليقظ منذ مئات السنين إلى فهمهم لماضينا وقوتنا؛ انطلاقًا من تاريخ العرب قبل الإسلام، ووصولاً إلى تاريخنا المعاصر، وما يزال هذا التنبه قائمًا نحونا.
وعلى الرغم من تصوراتهم الذهنية الخاطئة عنا؛ إلا أن البعض منهم كان مُنصِفًا بدراسته خلال رحلة بحثة وتسجيله تفاصيل مهمة ومعلومات قيّمة نادرة مترافقة مع بعض الصور التي أثَّرت في التأريخ العربي.
وقد تبدّدت الفكرة السلبية لطبيعة الدين الإسلامي ولإنسان الشرق لدى الكثير من المستكشفين والرحالة كحال الكاتبة زيغريد هونكه؛ حيث تقول: «إن الإسلام أعظم ديانة على ظهر الأرض سماحةً وإنصافًا، نَقُولها بلا تحيُّز ودون أن نسمح للأحكام الظالمة أن تُلطّخه بالسواد، وإذا ما نَحَّيْنَا هذه المغالطات التاريخية الآثمة في حقه، والجهل البحت به؛ فإن علينا أن نتقبَّل هذا الشريك والصديق مع ضمان حقه في أن يكون كما هو».
إن الشرق في حقبة مختلفة مع الغرب؛ بسبب ازدهاره وقوته وسرعة تطوره ونموه... الصورة القديمة في إدراك الغرب اختلفت كليًّا.
نقطة ضوء
«إن العرب في مجال المعجم يحتلّون مكان المركز، سواء في الزمان أو المكان، بالنسبة للعالم القديمِ أو الحديثِ، وبالنسبة للشرقِ أو الغربِ».
«هايوود».