قرطاج هي المدينة القريبة من العاصمة التونسية الحالية، تأسست عام 814 ق.م على يد أميرة كنعانية (فينيقيه) تدعى عليسة كان موطنها الأصلي مدينة صور اللبنانية فهربت من قهر أخيها الذي كان حينذاك ملكاً لصور. عليسة وجدت موقعاً مميزاً لتأسيس مدينة جديدة لها التي رست سفنها بها، وكان قبالة البحر الأبيض المتوسط. تلك الأماكن هي ضمن جغرافية الأمازيغ.
عليسة والأمازيغ
حينما وصلت عليسة في الأرض الجديدة لها التقت الحاكم الأمازيغي وطلبت منه أن يمنحها أرضاً تبني عليها مدينتها. فتم لها ذلك وبلغت غايتها في تأسيس واحدة من أشهر المدن عبر التاريخ وأسمتها باللغة الفينيقية قرت حدشت أي مدينة حديثة.
قرطاج هو الاسم الذي تحول من مدينة قرت حدشت، حيث أصبح هو الاسم بالنطق اللاتيني. وخلال ثلاثة قرون السابع ق.م وما بعده، بسطت قرطاج نفوذها وأسست مستعمرات فينيقية جديدة، امتدت من غرب المتوسط إلى السواحل الأطلسية لإفريقيا الوسطى. عاشت قرطاج ثلاثة حروب عظيمة ضد روما فترة 264 - 146 ق.م، اشتهر فيها القائد العظيم الفينيقي هنيبعل، الذي هزم روما في أكثر من مرة حيث قطع جبال الألب مع جيشه باسطاً نفوذه على إيطاليا مدة ستة عشر عاماً.
روما دبّ فيها خلال نفوذ قرطاج فوضى وخوف ظل يخيف حكامها ومجلس شيوخها الذين تمنوا تدمير قرطاج. وهذا ما تم فعلاً حينما استدعت قرطاج هنيبعل لحماية المدينه من حملة الرومان، التي انطلقت من إفريقيا والتي هُزم بها هنيبعل في النهاية في معركة «زامة» قرب تونس الحالية من قبل القائد «سكيبيو» الإفريقي. دُمرت قرطاج بعدها على إثر تلك الحملة وانتهى تاريخ مدينة معها.
ازدهر تاريخ قرطاج لأكثر من سبعمائة سنة منذ نشأتها والذي خلاله حكمت مناطق كثيرة جزراً وبحاراً، وكانت ثرية بالسلاح والأساطيل والمال مثل الإمبراطوريات العظمى بل فاقتها في الإقدام.
استولت روما بعدها على مستعمرات قرطاج التي منها إسبانيا وجنوب بلاد الغال (فرنسا)، وقد قيل لو تم تمكن قرطاج بانتصاراتها وبقائها لتحدثت شعوب فرنسا وإيطاليا وإسبانيا لغات سامية، وليس لغات تنحدر من اللاتينية.
عرفت قرطاج في حكم قسطنطين الأول عام 312م انتشار المسيحية فيها، وبعدها عام 670م أتاها حسان بن النعمان الأزدي، الذي دخل إفريقيا مع جيش عقبة بن نافع إبان العهد الأموي فدخل أهلها والأمازيغ الإسلام وانتقلت العاصمة من قرطاج إلى القيروان ثم المهدية وبعدها تونس.
ختاماً
تبقى قرطاج إلى اليوم إرثاً وعبقاً وتاريخاً عالمياً، وجمال موقع خلاب، واعتدال مناخ متوسطي الذي جذب السائحين والمنظمين للمهرجانات العربية والعالمية.