ناهد الأغا
مسكُ ختامٍ هذا العامِ، فاحت عبيرُه في الآفاقِ، واستنشقَ الجميعُ أريجَ فوحِهِ في أيامٍ سعيدةٍ ومفعمةٍ بالخيرِ والجودِ، طافت على جنباتِ مهرجانِ فيست للطعامِ السعودي.
زوايا مُضيئةٌ وفعالياتٌ متنوعةٌ ومميزة جالت في أنحاء مهرجان فيست كلها تقول ملياً جودةُ الطبقِ السعودي وسيادة الموائدَ بلا استثناء، وإثباتٍ لمكانتِهِ الرفيعة التي استحقها بجدارةٍ ودون أي مُنازعٍ، بكلِ فخرٍ واعتزازٍ.
صنيعٌ أحسنت هيئةُ فنونِ الطهي القيامَ به، شعرتُ بذلكَ وأنا أرى بأم عيني كيف يعكفُ أمهرُ الطهاةِ وأبرعُهم، على تقديمِ وإعدادِ أطيبِ الأكلاتِ والأطباقِ المحليةِ والشعبيةِ، التي رافقت المسيرةَ الإنسانيةَ والحضاريةَ والتاريخيةَ على امتدادِ أزمنةٍ غابرةٍ وحاضرةٍ وقادمةٍ على امتدادِ بِقاع المملكةِ الزاهيةِ، تصاحبُكَ الدهشةُ والإعجابُ أثناءَ السيرِ في أروقةٍ تشعُ نوراً، تُثري كل من مرَّ به بإرثِ الذاكرةِ الخالدِ، المنغرسِ في النفوسِ، والتأكيدِ أنه لا يوجدُ ما سيندثر، بل إنَّ ما كان سيبقى، وأنَّ الإبداعَ والتمييزَ سيستمر، وسيُرعى كلُّ مَن استلهمَ مِن عبَقِ الأمسِ روحاً لليومِ، وعيناً للغدِ، ويجدُ كلُّ شغوفٍ ومُلهَمِ بالطهي وفنونِهِ فضاءً رحيباً واسعاً، يُمارسُ فيه طقوسَ ما أحبَ وأرادَ وتاقت نفسُهُ إليه، كما يجد كل ذواقٍ لذيذَ الطعامِ وأطيبَهُ في أجواءٍ تسودها الحُسنُ والجمالُ، و يسودُ الحوارُ البناءُ لمن امتلكَ ناصيةَ إبداعٍ وتمييزٍ في فنونِ الطهي وممارستِهِ، والاستفادةِ من خبراتِهم ومعارفِهم المتنوعةِ والمتعددة.
لأجلِ المستقبلِ المُشرقِ الذي ننشدُهُ جميعاً، كما في رؤيةِ الخير رؤيةِ 2030، أُبرمت خلالَ هذا المهرجانِ اتفاقياتٌ عدةٌ ومتنوعةٌ، تصبُ في مُجملها نحو تعزيز مكانة المطبخِ السعودي عالميا ًومحلياً، وربطِ القطاعاتِ المتعددةِ، لأجلِ استدامةِ ثرائهِ ونمائهِ وتألقِه الدائمِ، وتوهجِهِ، وتطورِهِ المُستمر.
مُبادرةٌ كريمةٌ وغنيةٌ رسمت خارطةٌ لا تعرفُ حداً ولا حدوداً، وأجرت مياهاً في بحارٍ ومحيطاتٍ ولا أجمل، وألبست أوديةً وسهولاً أجملَ الأثوابِ خضرةً، بوركت من فكرة، وبوركَ من صاغَها، وأوجدَها.