خالد بن حمد المالك
شباب في مقتبل العمر يتم إعدامهم في إيران أمام أنظار العالم، وجريمتهم أنهم خرجوا في مظاهرة سلمية يطالبون بالتعبير والإصلاح، ومعالجة الأوضاع المتردية في البلاد من فساد وتراجع مخيف في الاقتصاد والتنمية، وارتفاع في البطالة، ونقص في المواد الغذائية.
**
يحدث هذا، بينما ردود الفعل الدولية لا تتجاوز التصريحات التنديدية المعتادة ضد المجازر اليومية التي يقدم عليها النظام ضد الأحرار الشرفاء من المواطنين الإيرانيين الذين يواجهون قوات القمع بصدورهم العارية، وما تمتلكه أيديهم من حجارة، وإصرارهم على أن الموت أشرف لهم من أن يتقبلوا نظاماً فاسداً وقاتلاً.
**
نحن لا نتحدث عن المصابين ومن تعرض للقتل خلال المظاهرات، وإنما عن هذه الأحكام الصورية الجائرة التي تدين بعض الشباب، ويتم تنفيذ حكم القتل شنقاً بهم أمام ذويهم وأهليهم والعالم كله، بصورة مقززة، لا يمكن فهمها، أو استيعابها، أو تبريرها، فهي جريمة كاملة المواصفات، وعدوان الهدف منه تخويف المتظاهرين، بأن هذا مصيرهم إن هم واصلوا المطالبة بإسقاط النظام.
**
وإذا كان من غير المستغرب أن يلجأ النظام الإيراني إلى هذا السلوك المشين، فإن أكثر ما يثير الاستغراب أن تمر هذه الأحكام بالقتل, أو السجن مع التعذيب دون موقف دولي حازم يطالب بوقف هذه المجازر، واحترام حياة الإنسان، ومنع هذا القتل الظالم، مع منع استمرار نظام ولاية الفقيه في تعامله الدموي مع الشعب الإيراني.
**
ولأن إيران تتعامل مع المنددين على قاعدة (اسمع جعجعة ولا أرى طحناً) فإنها لا تلقي بالاً لاحتجاج دولي، ولا تعير اهتماماً لأي معارضة، وتصر على أن من يطالب بتغيير النظام - ولو كان سلمياً - سوف يكون على موعد مع المشانق التي تم نصبها في أكثر من مكان.
**
دائماً، وتاريخياً، فإن تحرير الإنسان لنفسه من العبودية, والقهر, والظلم, والجبروت لا يكون بدون دماء، ولا من غير قتلى، وبالتأكيد لن يتم باسترضاء حاكم فاسد وقاتل وإرهابي ودموي، وهذا ما يفسر الجولات المتجددة من المظاهرات في إيران، رغم قمعها من الأمن الإيراني المسيس.
**
لهذا تتواصل مسيرات الاحتجاجات منذ فترة طويلة، فتنطلق من الجامعات، والمؤسسات، والميادين، والشوارع، وكل أفرادها في عزم لا يلين، وإرادة صلبة، وتصميم لا يقهر، وما دام هذا نفس المظاهرات، وهدفها، فلا خوف عليها، ولا مجال لتوقع انتهائها بالقمع وتحت تهديد السلاح.
**
فهذه انتفاضة مباركة، لم تنجح سلطات طهران في قمعها، أو إيقاف تناميها، أو الحد من تأثيرها واستقطاب الجماهير لها، فرأينا تزايد أعدادها، وارتفاع صوتها، وفي المقابل شاهدنا القتلى والمصابين، ومن كان مصيرهم السجون والتعذيب، لكن الخلاص من هذا النظام لن يطول، نعم لن يطول.