أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: في الأصل: بسايح ذياب، وانظر دراسات في الفولكلور الأردني ص120 و122.. وأدركت في قريتي قصصاً ونکتاً تعزى إلى بعض الأفراد، وهي بفصها ونصها بكتب التراث كـ(البصائر والذخائر) التي ذكرت نكتة: «إن صدقت رؤياك مطرنا بكذا..)، وليست هذه النكت من البدهيات فتقع وقع الخاطر على الخاطر كما يقع الحافر على الحافر؛ فتيقنت أن عبد الرحمن السبيعي رحمه الله هو الذي قرأها وركبها وأشاعها.
قال أبو عبد الرحمن: ومن الأساطير المركبة على أعيان تاريخيين أسطورة حجول وخروف، أو حجول وبهلول .والواقع قبل الأسطورة أن لمويضي البرازية أختاً اسمها بَنَّا، وقد فخرت بنا بزوجها تمدحه وتعرض برخاوة زوج أختها مويضي فقالت:
شوقي غلب شوقك على هبة الريح
ومحصل فخر الكرم والشجاعة
رکاب شوقي كل يوم مشاويح
وإذا لفي صكوا عليه الجماعة
قال أبو عبدالرحمن: رکاب شوقي: شوقي يركب.
يا البيض شومن للرجال المفاليح
لا تقربن راعي الردى والدناعة
فأجابتها أختها مويضي تقول:
ما هو بخافيني رجال الشجاعة
ودي بهم بس المناعير صلفين
أريد منسدس بوسط الجماعة
يرعى غنمهم و البهم والبعارين
وإذا نزرته راح قلبه رعاعة
يقول يا هافي الحشا ويش تبغين؟
وان قلت له هات الحطب قال طاعة
وعجل يجي بالقدر هو والمواعين
لو اضربه مشتدة في كراعه
ما هو يشاكيني ولا الناس دارين
.. انظر كتاب (من البادية) 7/ 97، و(شاعرات من البادية) 1/ 197-198، و(كنز الأنساب) ص512/ ط11.
قال أبو عبد الرحمن: سمعت عن نساء رجاليات لم يتزوجن، وأنفن أن يسترحلن، وأما مويضي فقد تزوجت، ولكنها كانت تفد على الأمراء وتسامر الرجال، وتناظرهم، وكانت هي ونورة المريحية ممن يفد على محمد ابن رشيد.. ومويضي صاحبة الحوار مع محمد ابن رشيد حول شارب يخرج منه وشارب يجلس عليه، وقد غلبته.
أما الشاعر ابن سبيل فقد غلبها ببيتين أولهما: ولي عجوز يا مال الجزار شهب ملاغمها من البيدا ولمويضي وزميلتها أمثال في تاريخنا الفصيح كاللاتي يفدن على معاوية بن أبي سفيان.
قال أبو عبدالرحمن: الْعِشْقُ والْعُشَّاقُ أعْظَمُ ما ابْتُلِيَ به الْعُشَّاقُ حقيقةً لا تَصَنُّعاً، وسأظلُّ إنْ شاء الله تعالى (إنْ جَعَلَ في بَقِيَّةِ الْعُمْرِ مُتْعَةً) متابعاً لما هو حقيقةً عذابُ العُشَّاق، وكنتُ واحداً منهم في وقتٍ مَضَى وانْقَضى بسلامٍ؛ فيا ربِّ عَفْواً قَدْ طَغَتْ أقلامنا، والله المستعان؛ فإلى متابعةٍ جادَّةٍ إنْ شاء الله تعالى ما بَقِي من عَبَثِ الطفولة، والعبرةُ بِحُسنِ الحياةِ إلى المماتِ أسأل الله أنْ يُحِسن عاقبتي وعاقبة كلِّ إخواني المسلمين حيث لا يَعْرَى كلُّ مسلمٍ مِن تجاوُز والله سبحانه وتعالى أرْحَمُ وأَكْرَمُ ؛ وختامُ الْمِسْكِ الآن شيئاً مِن الدُّعاءِ المشكور مثل قال الله سبحانه وتعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (سورة الأعراف: 55)، وما لا يحبه الله فهو منهي، والجملة في الاعتداء: أنه مخالفة هدي الشرع في آداب الدعاء، وأحکامه وتفصيله، وأكثر التجاوز في المعاني: أن يسأل ربه غير مشروع من محرم ومکروه وغير ممكن.. كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم، أو يقول: اللهم إن شئت فأعطني؛ فهذا منهي ما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه المتفق عليه.. وهذا الدعاء دعاء مستکبر ممتنٍّ مستغن؛ وبما أن الدعاء عبادة فلا يكون إلا عن تجرد من الحول والقوة، واعتراف بالفقر والحاجة إلى الغني الواحد القادر سبحانه.. ومثل هذا التجوز ما ورثته الإذاعة والتلفاز من الأدعية البدعية الصوفية كقولهم : اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، وإنما نسألك اللطف فيه!!؛ بل يكون الدعاء عازماً عن كل بلاء، والله يدفع أقداره بأقداره، والدعاء وإجابته من أقداره سبحانه، وتدافع الأقدار مرتب في سابق علمه سبحانه، والدعاء والقدر يختلجان في السماء.. ومن الاعتداء أن يُضيِّق ما جعل الله له فيه سعة كالذي دعا بتعجيل عقوبة الله له في الدنيا كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عند مسلم والترمذي والنسائي؛ حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار؛ فهذا له سعة بأن يطلب من ربه العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة.. ولكن إذا وقعت عليه مصيبة دنيوية فيصبر، ويحتسب، ويسأل الله أن تكون له تكفيراُ وتطهيراً، ويعلم أن ما أصابه من حسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه، وأما التجوز بالدعاء في اللظ فالنهي عنه له أصل من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه لمَّا ردَّد ما علمه إياه رسول اللهمن دعاء؛ فقال: ورسولك الذي أرسلت؛ فقال له: لا، ونبيك الذي أرسلت.. والحديث متفق عليه.
قال أبو عبد الرحمن: الناس ما بين جاهل بصيغ بعض الأدعية، وحافظ لها اعتوره النسيان؛ فيضطر إلى أن يدعوا بألفاظ من عنده دعاء صحيح المعنى، وقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم أدعية موقوفة؛ بل المناسك أدعية صحيحة الثبوت عن أئمة الفقه غير مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمن ذلك دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه الموقوف عليه في القنوت: (اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد: نرجو رحمتك، ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق.. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع من يکفرك)؛ فقد صححه موقوفاً على عمر رضي الله عنه كل من البيهقي في السنن الكبرى، والألباني في إرواء الغليل.. وليس من الشرط أن يكون في حكم المرفوع لفظاً إلا بمفهوم: عليکم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين.. ولكن معانيه كلها صحيحة، وبعض جمله وارد مفرَّقاً في نصوص شرعية صحيحة.. وفي أدعية الطواف توظيفاً بيَّن شيخنا العلامة الدكتور بكر أبو زيد ما صحَّ وما لم يصح.. (انظر كتاب (تصحيح الدعاء)، ص 511- 529، ط دار العاصمة بالرياض/الطبعة الأولى عام 1419هجرياً.. وليس فيما صححه ما ورد من دعاء استحبه الإمام الشافعي رحمه الله بعد طواف الوداع.. قال القاضي عزالدين ابن جماعة (694- 767هجرياً: «فإذا فرغ من الركعتين فاستحب الشافعي رضي الله عنه أن يأتي الملتزم بين الركن والباب، فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت، ويبسط يديه على الجدار؛ فيجعل اليمني مما يلي الباب، واليسرى مما يلي الحجر الأسود، ويدعو بما أحب من أمور الدنيا والآخرة.. واستحب الشافعي أن يقول: (اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك.. حملتني على ما سرت لي من خلقك؛ حتى أعنتني على قضاء مناسكك؛ فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى.. وإلا فمن الآن قبل أن تُنائي بيتك داري.. هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا براغب عنك ولا عن بيتك.. اللهم فاصحبني العافية في بدني، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي خيري الدنيا والآخرة).. قال الشافعي: وما زاد فحسن.. انظر كتاب (مناسك ابن جماعة على المذاهب الأربعة)، تحقيق الدكتور حسين بن سالم الدهماني، ط1، تونس: ط م الكواكب، عام 1407هجرياً؛ وإلى لقاءٍ قادم إنْ شاء الله تعالى، والله المُستعانُ.
***
كتبه لكم: أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري (محمد بن عمر بن عبدالرحمن العقيل) - عفا الله عَنِّي، و عنهم، وعن جميع إخواني المسلمين -