أزف ميعاد الإعلان عن (جائزة الملك فيصل) -رحمه الله- يناير، أي الشهر القادم ينادى بأسماء الفائزين..
فخطر لي الحديث عن (الهدف) السامي من الجوائز التي منها ما أخذ حظّاً من الشهرة «نوبل»، وغيرها..
إن شهادات الثناء (.. والتكريم) على وجه أخصّ، كان الأصل -بها- عينيّاً، ولكن لأن هؤلاء لم يبذلوا جُهداً فقط، بل أنفقوا على مشروعهم العلمي ما يمكن أن يكون مرام (المبلغ) المقدّم ولعله أُلحق بالجائزة آتٍ على سبيل التعويض لهم (.. مما أنفقوا من أموالهم)، وبعضهم قد طال فاقتطع من قوت بيته والأبناء.
لكني أركّز هنا على تلك الجوائز، بخاصة وإنها بلغت بالفائزين مبلغاً لا يضاهى، فحسبهم أنها مرّت على لجان متخصصة، وكذا محكّمين لهم باع بهذا التخصص أو شأوٌ بوجهة ذاك العطاء، مما يعني (و هذا لعمري هو الفوز الأكبر بعيون الفائزين):
أن في طيها (إقرار) أنهم على صواب.. مع ما بلغوا من معطيات أبحاثهم.
ثم للعلم- بالمناسبة- فإن تلك الجوائز هي أكبر من النجاح أو الاجتياز - الأكاديمي- الذي يروم نوعية من المجدّين في سباق محموم بالكليات -المتخصصة-، وليس للنجاح فحسب, بل سعي دؤوب للحظي بمرتبة شرف، وحبذا أن تكون (.. الأولى ..)
فبعدها كيف سيبلغهم التبختر بمنجزهم إن أوصت الجامعة بطباعة بحثهم؟
ونعود للجائزة (والقيّمين عليها) ومدى سعيهم لتتبوأ جائزتهم مقاماً، وتتسنّم بين نظيراتها مكاناً، ومن هذا الغرض السامي هي لا تتثاءب.
وأنت (أيها ..الفائز) أهمس لك/
إذا ربي (نصرك) حين أبلغك النصر -رأي العين-، فلا تسأل عن مآل المهزوم، تبدي بذاك تبختراً، بل احتفظ بخويصة نفسك -داخلك- بذاك النصر (الذي حسبك منه أنك على الطريق المستقيم) نعم تباهى به وافرح وانشر علو الدنيا ما تشعر به، فذلك أدنى حقك بعد أن اقتطعت من العمر زهرته والجهد والمال والأعصاب.
بالتأكيد، فمن طلب العلا سهر الليالي.
ثم اعتزّ به، لكن قدر المستطاع أن لا تعدو مشاعرك غريمك أو يمسّه شيء منك.
بل إن كان بينك وبين ذاتك، فذاك حسنٌ، لأن الهدف قد حققته، فما الغرض الذي ترجوه.. من بعد ذلك؟
وهنا حسبك أن تعلم -والله أعلم- والعالم على ذاك يشهد.. وهذا (الغرض) الرئيس -لك- من تلك الجائزة/
أنك ومنحاك على صواب.. سائر، فهذا وحده الذي لك به أن تُفاخر.
وهناك ولا ريب من تفخر الجائزة أنهم فازوا بها، ما ذكرني جملة للملك فيصل يوم سُئل الشنقيطي عن شهاداته، لينبري الفيصل يرحمه الله.. بالإجابة عن الشيخ بكلمة تُرصّع حروفها بالذهب (..الشيخ هو الذي يُعطي الشهادات)، هنا نقول نقطة.. من أول السطر.