عُقد في العاشر من ديسمبر الجاري أعمال القمة العربية - الصينية بالرياض بحضور الرئبس الصيني شي جين بينج. ويذكر أن هذه القمة هي الأولى من نوعها وتأتي في إطار زخم دبلوماسي صيني بالمنطقة على مدار الأيام الماضية تضمن قمة صينية - سعودية التقى خلالها الرئيس الصيني بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده وقمة صينية - خليجية التقى خلالها بقادة دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب للقاءات ثنائية بينه وعدد من قادة الدول العربي الأخرى.
تأتي هذه القمة في توقيت يشهد فيه العالم حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار غير مسبوق منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويذهب الخبراء والمحللون إلى أن النظام الدولي بدأ مرحلة تحول جذرية ومؤلمة محفوفة بالمخاطر، وأدركت دول المنطقة خطورة ما هو آت خاص بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية وعودة حالة الاستقطاب الشديد للساحة الدولية، ومن ثم التزمت الدول العربية الكبرى صاحبة النفوذ كالمملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والجزائر بموقف متزن حيال الحرب في أوروبا بما يضمن المصالح الوطنية، وأصروا على عدم الانصياع للضغوط الأمريكية فيما يخص فرض عقوبات على روسيا أو تقليص التعاون الاقتصادي أو العسكري معها وعدم الانخراط في لعبة محاولات تخفيض سعر الطاقة الذي لن يسبب ضرراً لروسيا فقط بل سيطال أغلب الدول المصدرة للنفط والغاز.
والتزمت السعودية ودول الخليج بتكتل أوبك بلس كإطار لتحديد زيادة أو تحفيض إنتاج النفط وفقا لمصالح الدول المنتجة.
والآن مع إدراك حتمية تعدد الأقطاب وحيث إن الصين هي الشريك التجاري الأول للسعودية وشريك تجاري رئيس لكافة دول المنطقة، كما أن لديها استثمارات كبيرة فيها، ومع هذه القمة يتحول هذا التواجد الاقتصادي الكبير إلى خلق حالة تعاون وتنسيق مؤسسي بنظم العلاقات الصينية - العربية مع الأخذ في الاعتبار التطورات الجيوسياسية.
تحتاج الصين إلى العالم العربي لكونه جزءاً رئيسياً من مشروع الحزام والطريق وهو أداة الصين الأساسية لتحقيق هدفها بأن تصبح أكبر وأقوى اقتصاد في العالم، وعلى الجانب الآخر تسعى الدول العربية النافذة كالسعودية ومصر والإمارات والجزائر والمغرب وحتى قطر إلى تنويع علاقاتها الدولية وإحداث توازن في علاقاتها مع القوى الدولية الكبرى.
وتشكل القمة العربية - الصينية التي عقدت بالرياض إحدى حلقات تحول النظام العالمي من الأحادية القطبية إلى نظام المتعدد الأقطاب، حيث إن العالم يتغير والعرب وعلى رأسهم السعودية ومصر والإمارات ماضون في إدارة تعاملهم مع هذا التحول بحرفية شديدة لإحداث إعادة التوازن اللازمة التي تضمن مصالح دول المنطقة وأمنها واستقرارها وازدهارها.