مها محمد الشريف
هل تخضع أوكرانيا والعالم لفكرة التقسيم، بعد أن ترددت أصداء النزاع إلى أبعد من حدود الجهتين المتنازعتين، إننا لا نتكلم عن التقسيم الذي قد يوقف الحرب، بل نأخذ في الحسبان ما يفرضه الواقع السياسي الذي يخضع لسلطة سياسية غامضة، وهو أمر يمكن التفكير به حين يحمل دليلاً قاطعاً قال عنه أوليكسي دانيلوف، سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، للتلفزيون الأوكراني»: الاتحاد الروسي قد يعرض على أوكرانيا «السيناريو الكوري» للهدنة، الأمر الذي يعني تقسيم أوكرانيا إلى قسمين. لذا، يتم عرض السيناريو الكوري علينا حالياً، وهذا التصريح لم يثر استغراب أحد لأن الأسباب تتشابه في الحروب.
فعندما كانت الإمبراطورية اليابانية تحتل شبه الجزيرة الكورية منذ عام 1920 وحتى الحرب العالمية الثانية أعلن الاتحاد السوفيتي بالاتفاق مع أميركا، الحرب على اليابان، ونجح الاتحاد السوفيتي في إنهاء احتلال الإمبراطورية اليابانية لشبه الجزيرة الكورية حتى حد خط العرض 38، الذي مثَّل الحدود الحالية لكوريا الشمالية مع كوريا الجنوبية بعد إعلان الدولتين، كما استسلمت اليابان للقوات الأميركية جنوب هذا الخط.
يظل المجتمع الدولي منغلقاً بسبب التجربة السياسية نفسها، فالحياة السياسية معارك وصراع دائم، مما يعني أن العالم قد يكون مضطر أن يعين أعداءه ومنافسيه فالمهمة هنا مزدوجة، ولا وجود لعدالة دون طاعة إرادية أو قسرية، فهل الروس يملكون أحد الخيارات لتقسيم أوكرانيا على خط العرض 38 %، ويعيد التاريخ نفسه بعدما اتفقت روسيا مع أميركا في عام 1945 إلى تقسيم شبه الجزيرة الكورية، حيث سيطر السوفييت على المنطقة الواقعة شمالي هذا الخط (بيونغ يانغ)، واحتل الأميركيون المنطقة الجنوبية (سول، وحولت السياسة الكوريتين إلى عدوين لدودين، فمنذ ذلك العهد والقوى العظمى تتقاسم الدول وتحكمها وتفرض سيطرتها عليها.
في جميع الحالات لا يمكن أن تكون السياسة ثابتة، أو مستقرة فهي تبحث عن التنوع عبر التناقضات التي تعرّض نسيجها الاجتماعي للاضطراب والتمزّق، فناقوس الخطر يُقرع هناك يخبر بخطر مداهم، وصورة محوسبة تعرض الارتباك والخوف تكاد تفقد وعي من يشاهدها، وكل شيء حولها مفعم بالغضب، فمن النادر أن يشعر العالم بغموض متعمق لما يحدث في الحرب الروسية الأوكرانية.
ويتكرر السؤال: كيف يمكن إيجاد مخرج لهذه الحرب وسط ظهور تكتلات جديدة، غيرت موازين القوى في العالم، حيث بدأت روسيا والصين وكوريا الشمالية، ضد الاتحاد الأوروبي (الناتو) والولايات المتحدة، ولكن الحقيقة تقول إن النتيجة واحدة، وعلى القائد الحقيقي أن ينتهزها فهو الذي يستطيع أن يرى في الظلام الأضواء الوامضة، وسيادة الدول يجب أن تُحترم ومصير أوكرانيا يقرره شعبها ولها الحق بالحفاظ على سيادتها وحدودها.