خالد بن حمد المالك
إملاءات إيران لم تقتصر على حزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، للاحتفال بالذكرى الثالثة لمقتل الإرهابي قاسم سليماني، وتعظيم دوره، وتلميع صورته، وإلزام عملاء إيران باعتباره شهيداً، بينما يعرف القاصي والداني بأنه دموي, وقاتل, وإرهابي بامتياز.
فإلى جانب هؤلاء شارك تنظيم حماس في غزة الموالي لإيران في حفل غيّب فيه حقيقة المعلومات الحقيقية عن هذا القاتل، وصنّف مهرجان حماس قاسم سليماني على أنه أحد الشهداء لا القتلة، وأحد المحاربين للقضاء على الإرهاب، لا على أنه الإرهابي الأول في المنطقة، وقالوا في مهرجانهم عنه ما يتناقض تماماً مع ممارساته الدموية ضد الأبرياء من أبناء أمتنا.
**
لكن المشهد الأكبر والأخطر حين يغيّب عملاء إيران عقول الشباب الغض من أبناء العراق، ويحولونهم إلى دمى تنفذ من التعليمات ما هو خارج سياق العقل والمنطق، وذلك بتجهيل الشباب، وغسل أدمغتهم، وزراعة الولاء لإرهابي بأسلوب لا يقبله العقل السليم، إلا أن يكون هذا قد تم تحت التهديد، والخوف من المساءلة إن لم يَستَجِيبوا لما يطلب منهم.
**
فهاهو الحشد الشعبي في العراق، وقد تفوّق على غيره، وزاد على ما فعله آخرون في إظهار المحسنات عن قدوتهم وملهمهم الإرهابي قاسم سليماني، وصولاً إلى اعتباره المُوجِّه، وأنه الآمر الناهي حتى وهو في قبره، والتأكيد على أنه لا زال مطاعاً، وينفذ القتل حتى وهو تحت التراب، ما لا يمكن أن يصدق إنسان ما قام به الحشد الشعبي في احتفاليته لولا أن ذلك يتم تداوله بالصوت والصورة.
**
ففي احتفال لطلاب الكلية العسكرية الأولى لهيئة الحشد الشعبي العراقي الدورة الـ86، بدأ الاحتفال بدخول الطلاب والاتجاه فوراً نحو صورة قاسم سليماني، أو ما أسموه بشهيد المذهب، ليستأذنوا من الصورة للبدء في مهرجان ما أسموه بالشهادة والسيادة، مع تأدية التحية لهذا الصنم أو الصورة، باعتباره قد وافق على بدء هذا المهرجان.
**
أن تقام مهرجانات في ذكرى مقتل قاسم سليماني في أكثر من دولة لا تملك القدرة على رفض طلب نظام ولاية الفقيه في إيران فهذا شيء لم يعد غائباً أو مخفياً والجميع يعرف ذلك، لكن أن يتم توجيه الطلاب الشباب نحو صورة سليماني للاستئذان منها وطلب موافقتها لبدء المهرجان، حتى وإن اعتبرت رمزية، فهذه حالة لم تسبق ميليشيا الحشد الشعبي إليها من أي أحد.
**
هذا التدخل الإيراني بدولنا، والتوسع في إملاء النظام الإيراني أجندته وسياساته لمحيطنا العربي يجب أن يواجه، وأن تكون هناك كلمة وموقف وتعامل من شعوب الدول العربية التي يتحكم النظام الإيراني بحكوماتها، فإن لم يتم ذلك، فسوف يجدون أنفسهم أتباعاً للحوثي وحزب الله والحشد الشعبي وحماس، وتالياً عبدةً للأصنام، كما لاحظنا ذلك حين طلب الشباب العسكريون في العراق الرضا من صورة قاسم سليماني وموافقته على بدء احتفالهم.
**
يا للهول أن يصل شبابنا إلى هذا المستوى بعد غسل أدمغتهم، ودفعهم إلى مواقف مذلة لشبابهم، دون ظهور أي موقف معارض أو منتقد، خوفاً من السطوة الإيرانية، والتعامل القاسي من الحشد الشعبي، وهو ما لم يعتد عليه العراق الشقيق في كل المراحل التي مر بها بما في ذلك حين كانت الأنظمة المستبدة هي التي تحكم العراق.
**
نعم، إنهم يطلبون الإذن من صورة قاسم سليماني المقبور تحت التراب لبدء مهرجانهم، ويتقدمون لتقديم التحية لصورته، كما لو كان متواجداً بينهم في هذا الحفل، كما لو كان لا زال وهو في قبره يثير الخوف في نفوسهم، وكأنهم يسترجعون ما كان يفعله في حياته من أعمال إرهابية، ومعاملات إجرامية بحق ضحاياه، فالله المستعان.