حارتنا القديمة أصبحت أراها في كل ركن من أركان حواري مدينة عرعر، ربما أيام وستصبح حارتي وغيرها من الحواري القديمة، قاعاً صفصفاً وركاماً من التراب،
حي الفيصلية يمثِّل جزءاً من هويتي، ويرسم ما تبقى من رائحة أمي وأبي -رحمهما الله - وأيضاً المكان والكيان الذي أنا جزء منه وهو جزء مني ولادةً وتنشئةً وتربيةً ودراسةً، والانتماء والتراث والإرث والتاريخ والأصالة.
حي الفيصلية بكل ما فيه من ذكرياتي التي لا أستطيع العيش بعيداً عنها، ورغم كل الظروف كثير من أهله يرفض مغادرة هذا الحي، وبعضهم أصبح من سكان الأحياء الجديدة لكن الغالب ما زال يزور الحي بين الفينة والأخرى، عندما استرجع شريط ذكرياتي أجد أن حي الفيصلية يعتبر جزءاً من تاريخ عرعر، ومعظم الشخصيات الأدبية والفنية والعلمية والرياضية في المجتمع خرجوا منه، والكثير منهم لا يزالون يأتون إلى هنا أسبوعياً رغم رحيلهم إلى أحياء أخرى، يأتون لإنعاش الذكريات وإعادة الصلة بالأقارب والأصدقاء والجيران القدامى، لأنها ثقافة المنتصف في مدينة عرعر وقنطرة الماضي إلى الحاضر وأسماء لا تزال محفورة في ذاكرة الجميع، بل خرجت إلى خارج الوطن، وأصوات كانت بالأمس تغرّد بداخله واليوم في أنحاء الوطن العربي.
في صغري كنت أظن أن الكون فقط حارتي، ولا أعرف عن العالم أي شيء، ألعب على رمل الحارة وأتسلق جدرانها، وأظن أن الذي مات سافر وسيعود، حاولت إلقاء الضوء على هذا الموروث الجميل حي الفيصلية، محاولاً ما استطعت إلى ذلك، وإظهار أثر خروج أهله من الحي مضطرين، ووقع الإخلاء في نفوسهم، واستخراج ما في القلوب من حرقة، وما في الحلوق من غصة، والذكريات الجميلة.
***
- تويتر abd8886
- الإيميل abd8886@gmail.com