أ.د.عثمان بن صالح العامر
من الأيام التي أعتز بها وأفخر، ذلك اليوم الذي شرَّفني فيه الديوان الملكي وآخرين بدعوة كريمة للتشرّف بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله - والجلوس إليه والاستماع لحديثه والحوار معه، وكان مما قال في ثنايا ذلك اللقاء مع المثقفين والكتاب والأكاديميين السعوديين: (احذروا أعداء الوطن، الإرهابيين، ومروجي المخدرات)، حينها لم أدرك سر الربط بينهما، وسبب حصر العداوة فيهما دون غيرهما، ومع مرور الأيام وتقادم السنين عرفت أن كلا الداءين لهما نفس المنهجية السرية، والتخطيط الدولي الخارجي، والتوظيف الداخلي الشرير لضعاف النفوس، عديمي الإحساس، من باعوا دينهم وأوطانهم وأهليهم للشيطان، ونقضوا ما في عنقهم من بيعة شرعية للإمام ولي الأمر -حفظه الله وأدامه ورعاه - الذي طاعته من طاعة الله ورسوله - كما هو معلوم -، يحدوهم لذلك الصنيع الممجوج ديناً وعقلاً وإنسانية ومجتمعاً: إما الطمع في المال، وإما النقمة على المجتمع، وإما الهروب من واقع اجتماعي يعيشون فيه، وإما التعويض لنقص يحسون به، وإما التدين المشوّه والغلو المفرط عن جهل وعدم دراية ما أنزل الله به من سلطان، وإما لهوىً في النفس وزيغ وضلال وأما... والنتيجة الطبيعية ويلات وكوارث وطوام متتابعة ومتراكمة تجنيها الإنسانية جمعاء من هذين العدوين اللذين نعتقد أنه لا رابط بينهما، وهما من ذات الثدي يرضعان، ولذات الهدف يسعيان، وإن اختلفت الوسيلة والسبيل في الظاهر على الأقل.
لقد عانت بلادنا المملكة العربية السعودية من هذين العدوين وما زالت، وكانت لهما بالمرصاد، وإننا حين نذكر الخطر المتولِّد من جراء الإرهاب والمخدرات يجب أن نقدِّر عالياً الجهود الجبارة التي تُبذل من لدن الجهات المختصة في مواجهة هذه المخططات الشيطانية التي تنفذ في أرضنا من أجل ضرب وحدتنا والمساس بأمننا وإفساد عقول وعقائد وسلوكيات شبابنا وفتياتنا لا سمح الله. والمتابع للأحداث، والمهتم بالشأن السعودي العام يعرف جيداً ما يبذله رجال مكافحة المخدرات من جهود جبارة وما يقومون به من أعمال جليلة قد لا يعرف بها الكثير منا في رصد ومتابعة وتقصي خطوات المروِّجين تجار الموت ومن ثم مواجهتهم والقبض عليهم.
وامتداداً لهذه الجهود الوطنية كانت خطبة الجمعة الماضية في التحذير من هذا الداء الخطير خاصة مادة (الشبو) لخطورتها على متعاطيها والمجتمع الذي يعيش فيه وانتشارها هذه الأيام وسرعة جريان أثرها في الجسم وتأثيرها القوي على العقل، ولقد استمعت وتابعت ما كتب عن طرح الخطباء لهذا الموضوع الخطير دينياً ووطنياً ومجتمعياً واقتصادياً فوجدت الإشادة والثناء للتميز في معالجة الأمر ومناقشة الموضوع، وحث المصلين على التعاون مع رجال الأمن في التصدي لمواجهة هذه الحرب الموجهة تجاه عقول أبناء الوطن وبناته التي يشنها الأعداء ويقف في صفهم مروجو هذا الداء القاصم، وهذه بحق هي رسالة المنبر في وقتنا المعاصر، فالشكر كل الشكر لمقام وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ممثلة بمعالي الوزير الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، والشكر موصول للخطباء على الإجادة والإفادة.أما عن رجال أمننا البواسل وجنود الوطن الأفذاذ فإن المشاعر تجاههم لا يمكن أن يعبّر عنها أو توصف، وعبارات الشكر وكلمات التقدير وجمل الثناء والتثمين تتقازم إزاء ما يبذلون من جهود جبارة حماية لإنسان الوطن وذوداً عن حياضه وحراسة لمقدساته فجزاهم الله عن الوطن والمواطن والمقيم والزائر خير الجزاء، ودمت عزيزاً يا وطني.
وإلى لقاء، والسلام.