ناهد الأغا
كانت الصحافة السعودية، ولا زالت وستبقى إشعاعاً من نورٍ سطع نجمه الثاقب، مضيئاً لكل شخصٍ درباً معرفياً وحضارياً في دروب الثقافة التي لا تعرف حداً، ولا تنحصر بزاوية واحدة أبداً.
وهي اليوم، تزداد لمعاناً وبريقاً، وتشع أكثر فأكثر مواكبةً روح العصر وتتغنى بالألق الذي ناداها، فلبت النداء بكل سرور وابتهاجٍ لا أعرف ما أقول، وأجيب عن تساؤلاتٍ تدور في ذهني أليست الصحافة بوتقة الثقافة ومعينها الذي لا ينضب، وكل شأنٍ فيها ويدار في ثناياه هو شأنٌ ثقافي؟
هل تختزل تعريفات واهتمامات الثقافة بالأدب والشعر والمسرح والفنون والرسم والمسرح؟
وما مدى تأثير الثورة المعلوماتية، والتكنولوجيا الحديثة، على هذا النوع الهام والحيوي من الصحافة (الصحافة الثقافية)؟
أسير الفيافي، عائدةٌ بما يقلل هذه الحيرة، وأجيب لو باليسير عمَّا دار من تفكيرٍ في أفاقي، مخاطباً ذاتي وأقول لنفسي، وأنا استذكر بإجلال مسيرة الحركة الصحفية في المملكة العربية السعودية بكافة جوانبها، وكيف لي لا أذكر «المنهل» وكانت أفضل وصف لموصوف، فقد عنيت بالشأن الأدبي واهتمت به أجل اهتمام، ولا ننسى «الإشعاع» و»الرائد» اللتين أعلتا العناية بالأدب والأدباء والشعراء والمبدعين منذ ذلك الحين.
ولم تغفلْ أي صحيفةٍ كتب لها الظهور، عن هذا بث جميل ما في الفكر والحضارة وآدابها وفنونها، موقظين في النفوس جمال الروح، وعميق هوية الوجود وعنوانه، أيمكنني ولو لحظة لا أذكر «اليمامة» و»عكاظ» و»الجزيرة» فاسم كل واحدة منها هو الانتماء الكبير لمن اعتز بهويته ومورثه وثقافته.
لن يغير الزمان، مهما تبدلت الأحوال، وازدهى الأفق الرحيب ببريقٍ لامع لا يعرف المغيب لحظةً، ولا يأفلْ نجمه برهةً، فما رقمنة صناعة الآداب والفنون، وإنشاء منصة إلكترونية شاملة خاصة بذلك، إلا إعادة الألق البهي، بصورة باهية أكثر وأكثر، وإبقاء نبض الحياة وشريانها المتدفق، نابضاً بكل عزم لا يلين فكم لجمال مبادرة كريمة من هيئة الأدب والنشر والترجمة للقيام بهذا العمل المميز، الذي تطوع فيه التكنولوجيا الحديثة لخدمة الأدب والأدباء وإبداعاتهم، وإطلاق الفضاء أمامهم، واكتشاف ما لم يظهر بعد، وخلق الجو الأدبي الرفيع، الذي ينعكس على الفرد المحور الأساس والركيزة الأبرز لتحقيق ما نصبو إليه جميعا برؤية 2030، رؤية الحضارة والتقدم والإبداع الخلاق.
فلا حياة دون روحٍ، ولا رسالة دون عنوانٍ، ولا وجود دون جمالٍ، لكن الأجمل من آمن بذلك، وحرص على بقاء بريق الصورة ناصعاً، وتأكيد أن الأصل فرعٌ، والفرع أصلٌ، لا ينفصل أي منهما عن الآخر لحظة.
شكراً جريدة الجزيرة والأستاذ القدير خالد المالك أيقونة الصحافة الثقافية.