يتناول، دوني لاشو المؤلف الروائي والكاتب المسرحي، في هذا العمل الذي صدر عن دار نشر آكت سود الفرنسية في عام 2019م في حوالي 224 صفحة، قضايا متعددة تتعلق بصراع الهوية واللغة والأسرة والتاريخ العائلي للمهاجرين.
وعلى الرغم من أن حدة هذه الصراعات بين مختلف التيارات السياسية التي تختلف فيما بينها على مهددات الهوية الوطنية الفرنسية تشتد حينا وتخفت حينا آخر، الا أن إرادة اليمينين المتطرفين تفرض نفسها في كثير من الأحيان، الأمر الذي يؤدي الى اضطهاد المواطنين من أصول غير فرنسية وزرع بذور الفتنة والكراهية وسوء الفهم بين السكان.
سيقود هذا الصراع حتما الى انفصام عرى الصداقة بين المعارف وقطع وشائج الأخوة وصلات القربى بينهم وسيشكل عقبة كبيرة تعترض العلاقات الودية بين سكان البلد الواحد وواقعا أليما من شأنه أن يعكر منظومة السِلم والأمن في أي بلد وسيقضي على مفهوم التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي.
يحفل التاريخ المعاصر الأوروبي بأمثلة واقعية تدل على أن الإنسان أصبح قادرا على اضطهاد الآخر لمجرد أنه يأتي من مكان بعيد أو لأن لون بشرته غير بيضاء أو لأنه لا يتكلم نفس اللغة أو لأنه ليس لديه نفس الثقافة.
في رواية "عديمو الجنسية" التي تحكي عن الواقع المرير الذي تعيشه شريحة كبيرة من المجتمع الفرنسي، يطرح ديني لاشو السؤال التالي: مِن أي بلد نحن؟ يحاول المؤلف بهذا الطرح التركيز على أوضاع المهاجرين المتدنية في فرنسا وأسباب ممارسة العناصر اليمينية المتطرفة لضغوط تجعل ظروف هؤلاء المهاجرين المعيشية صعبة جدا. السياق الذي تُطرح فيه أزمة الهوية في فرنسا جعلت الكثير من المواطنين غير المرغوب فيهم يتساءلون عن النبذ والإقصاء الاجتماعي والتهميش الذي يمارس ضدهم.
** **
- د. أيمن منير