رَبَّاهُ عِشْتُ بِلَا مُعِيْنٍ يَسْنُدُ
الأُمُ ثَكْلَىْ والأُبُوَّةُ تُفْقَدُ
مَا بَالُ أَلْوَانِ الْصَّفَاءِ اسْتَأْسَدَتْ
الثَّلْجُ يَدْفُنُ والْسَّمَاءُ تَلَبَّدُ
هَرِمَتْ بَقَايَا الْجُرْحِ فِيْ مَوْتِ الْمَدَى
وَالْحَرْفُ فِي صَمْتِ الْحَنِيْنِ تَجَعَّدُ
وَرَصَاصُ ذَرَّاتِ الْعَوَاصِفِ وَابِلٌ
يَرْمِيْ إِلَىْ الْأَمَلِ الْمُجَنْدَلِ يَحْصُدُ
فَهُنَاكَ تَرْتَجِفُ الْخِيَامُ وَتَهْتَرِيْ
فَالْصَّبْرُ أَشْقَىْ وَالْتَّصَبُّرُ أَجْرَدُ
وَالْطُّنْبُ مِنْ صَفْعِ الْزَّوَابِعِ نُوْتَةٌ
عَزَفَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْصَّبَابَةِ أكْبُدُ
مَا يَصْنَعُ الْحِبْرُ الْمُدَجَّجُ بِالْأَسَىْ
إِنْ كَانَ فِيْ وَجَعِيْ الْمَشَاعِرُ تَبْرُدُ
ذَابَ الْصَّدَى، فَالْأُمْنِيَاتُ كَلِيْلَةٌ
فَلَعَلَّ مِنْ بَرَدِ الْبَيَاضِ تَغَمَّدُ
وَعَلَى جِنَاحِ الْلَّيْلِ حُلْمٌ ذَابِلٌ
يَجْتَاحُهُ ذَاكَ الْأَنِيْنُ الأَسْوَدُ
وَالْدَّمْعُ مِنْ طُهْرِ الْجَلِيْدِ مُقَبِّلَاً
رُوْحَ الْشَّهِيْدِ، مَعَ الْأَعَاصِرِ تَصْمُدُ
وَمَعَ قَتَامِ الْغَمِّ، طِفْلٌ صَارِخٌ
نَحْوَ الْتُّرَابِ لَعَلَّ أُمِّيْ تُنْجِدُ
فَأَصُخُّ مَذْعُوْرًا أُطَوِّقُ خَوْفَهُ
فَإِذَا بِهِ عِنْدَ الْمُهَيْمِنِ يَرْقُدُ
مَا ذَنْبُ قَلْبِي إِنْ تَجَمَّدَ نَبْضُهُ
أَوَ لَيْسَ قَلْبُ الْعَالَمِيْنَ تَجَمَّدُ؟!
يَا أُمَّةً هَجَرَتْ سُلَافَةَ عِزِّهَا
وَغَدَا يَئِنُ مِنَ الْجَفَاءِ الْمَسْجِدُ
وَعَلَى صَدَى الْأَنْغَامِ بَاتَتْ تَزْدَهِيْ
طَرَبَاً؛ وَقَلْبِيْ فِيْ الْشِّتَاءِ مُشَرَّدُ
مَا الْعَيْبُ فَقْرٌ فِيْ الْحَيَّاةِ وَإِنَّمَا
لَمَّا يَظَّلُ عَلَى الْقُلُوْبِ تَبَلُّدُ
بُحَّتْ بِحَبَّاتِ الْصَّقِيْعِ حِكَايَتِيْ
فَلَعَلَّ بَرْدِيْ فِيْ الْقِيَامَةِ يَشْهَدُ!
** **
- مطران العياشي