رمضان جريدي العنزي
أزهلها يقولها الشخص عندما يطلب منه عمل شيء، أي بمعنى اترك هذا الأمر علي، أو أبشر، أو اعتمد، سأنجز هذا الشيء وإن كان أمره صعباً ومعقداً، ويقال فلان تزهل بالشيء، أي تكفل بالقيام به، مع ضربة على الصدر توحي بالثقة بالنفس والاعتماد عليها، وهذه الكلمة وراء نصف المشاكل، لأن حلال (الصواميل) و(اللحية الغانمة) و(عنترة) زمانه، و(المحزم المليان) لم يف بوعده وإن ضرب صدره، وفتل شنبه، وأزبد وأرعد، لهذا فشل قبل أن يبدأ، لأنه لم يكن بمقدار ومستوى الكلمة التي تفوه بها ووعد، كونها مجرد (شوشة) و(طناخة) لم يحسب لنتائجها ومعوقاتها حساب، ولكي ينجح الإنسان لا بد من دراسة الأمر قبل القدوم عليه والوعد بإنجازه، حتى يعلم أين يضع القدم، لكن الأغراق في الوعد، والتكفل بالإنجاز، والإصرار على الفوز على النتيجة الفتاكة، دون أساس سليم، وركيزة قوية، وثقة عالية، حتماً سيذهب بالوقت، ويستنفذ الجهد، ويضع صاحبه في حرج مبين، إن الإغراق بالثقة بالنفس يكون أحياناً خطاء لحقيقة واهية، واستعراض هش، قبل التروي والتعمق والدراسة، إن الذين ابتلوا بهذا العمل لا يكادون ينتهون من فشلهم حتى يقعون في فشل آخر، ومع هذا يصرون في كل وقت وحين على ممارسة هذا السلوك العجيب، فقط لكي يرضوا ذائقتهم ونرجسيتهم، يقولون إن قرداً أدخل يده في الفتحة الضيقة لعلبة الجوز، وقبض على كومة كبيرة من الجوز بكفه، ثم حاول أن يخرجها فلم تخرج، والحل في أن يكتفي ببعض الجوز حى تخرج كفه، لكنه متشبث بها كلها، ولا تطاوعه نفسه على أن يترك شيئاً منها، فبأي شيء يظفر؟، إن البعض يفعل مثل ذلك، يبدأ بوعد ما، ثم يستهويه الأمر، ثم ثانياً وثالثاً وعاشراً، وإن فشل وسقط وضاع ماء وجهه، لأن الأمر أكبر من إمكانياته وقدراته وعلاقاته، فيعجز عنه، ولا يفعل شيئاً، ولا يكسب سوى لوم الآخرين وعتبهم ونقدهم اللاذع، إن الاستفادة من تجارب الذات والآخرين، مفيد جداً، لكن مع مراعات الفروق والقدرات والإمكانيات والعلاقات والطريقة والأسلوب، إن كلمة (أزهلها) لا تروق لي، وبالتأكيد لا تروق لكل عاقل لبيب حكيم بصير، في المثل الشعبي: (اللي ما يشرب بحفونه ما يروى) أي من لم يعمل بجهده ونفسه ويعتمد دائماً على الآخرين لن يفلح ولن ينجح ولن يصل لهدفه المنشود.