بقلوب مؤمنة وراضية فقدت مدينة الرس وفي مقدمتهم أسرة الغفيلي ومحبو الفقيد البار عبدالله بن عبدالعزيز العلي الغفيلي -رحمه الله - في يوم الثلاثاء 12-5-1444هـ الموافق 6-12-2022 بعد معاناة مع المرض. والله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم. قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.
ويقول أبو فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ورداً لبعض جميله وحتى لا ننساه ثم عملاً بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (لا تذكروا موتاكم إلا بخير)، وإحساساً بهذا فإنني أذكر محبيه وعارفي فضله وإحسانه بما يلي:
أولاً: سيرته:
ولد بمدينة الرس في 1-7-1357هـ وعمل مدرساً بمدرسة الحوطة بالرس، ثم وكيلاً بالمدرسة السعودية ثم بمدرسة موسى بن نصير ومراقباً بثانوية الرس حتى بلغ سن التقاعد.
وأبناؤه: أحمد وفهد وتركي. وبناته ثمان وإخوانه اثنا عشر وأعمامه سبعة.
ثانياً: أخلاقه وصفاته:
ورد في الحديث: «خير الناس أنفعهم للناس».
ويقول البُستي أبو الفتح علي:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان
وأبو أحمد -رحمه الله- تعاملت معه أيام الشدة والرخاء وأحسب أنه من بقايا جيل الطيبين الذين فقدناهم واحداً بعد الآخر. فمن هو أبو أحمد؟ وماذا قدم؟
1/ صفاته وأخلاقه:
ورد في الحديث: «إن لِلَّه عباداً يعرفون الناس بالتوسم».
ومن واقع تعاملي معه ومعرفتي به فإنني - أحسبه - مخلصاً كالذهب الخالص الذي لا يتغير ولا يتلون. ويعرف من خلال بريق عينيه وبسمة شفتيه وصدق منطقه، وكان يتميز بقلب سليم، وخلق عظيم وعقل حكيم.
وتميز -رحمه الله- بالوفاء والسخاء وكان كالقمر إذا طلع سطع وكالمطر أينما وقع نفع.
2/ بره بأمه وصلته لرحمه:
كان وحيد أمه من الذكور، وكانت ترعاه وتدعو له، وكان بره بها عند المرض والكبر براً لا يبارى.
أما صلته بإخوانه وأعمامه وأقربائه فهي علاقة حميمة تتجدد وتتعدد، وشهد بها كل من تعامل معه حتى وهو في غيبوبته، كان يتذكر بعضهم ويسأل عنهم.
ومعي شخصياً لن أنسى لأبي أحمد -رحمه الله - ثلاثة مواقف تذكر ويدعى ويستغفر له ويشكر وهي:
الموقف الأول: تقول العرب: رب أخ لك لم تلده أمك - وهكذا كان معي- يرحمه الله - فبعد وفاة والدي - يرحمه الله - عام 1374هـ قدمنا من ثريبان جنوب المملكة إلى الرس وكانت بداية علاقتي معه وخلال دراستي للمرحلتين المتوسطة والثانوية بدار التوحيد بالطائف وكان يراسلنا بالبريد بصفة دورية ومستمرة. وكان يشعرنا عن الوالدة وعن أخبار الرس عامة.
ومع الطفولة والوحدة والغربة وأنا يتيم وقع في قلبي معروفه ووفاؤه.
الموقف الثاني: قول وفعل هكذا هو أبو أحمد -يرحمه الله- فقبل سنوات عديدة زارني مع حبيب قلبه الوفي أخيه راشد - يرحمه الله- وبوفاء ونقاء قال لي: أنت وخالك إبراهيم العقل بالرياض لن أترك زيارتكما قال هذا مع ضيق وقته وكثرة أقربائه وهكذا يكون معدن الرجال!
الموقف الثالث: وفاؤه وإخلاصه تجدد وهو في غيبوبته فقد كنت أتواصل معه عن طريق عمه سليمان واصل الرحم وعن طريق ابنه الوفي أحمد وطلبت من ابنه أحمد أن أكلمه بالجوال وسأل والده عني: هل تعرفه؟ فقال وهو في غيبوبته: نعم صديقي الخاص وتم هذا قبل وفاته بستة أشهر تقريباً.
وأمام هذا العطاء والوفاء والسخاء ماذا أقول عن أبي أحمد -رحمه الله-؟!
3/ الإحسان وعدم النسيان:
أثناء قدومي أنا وشقيقي محمد كان أبو أحمد -يرحمه الله- ونحن اليتيمان مع طيب الكلام ولذيذ الطعام كان يستقبلنا بالحنان والأحضان والإحسان، وهذا ديدنه مع أقربائه ومحبيه. ونيلاً للأجر أوصي نفسي والجميع بألا ننساه من الاستغفار والدعاء، وأن يذكر بعضنا بعضاً رداً لبعض جميله يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل ولك بمثل».
اللهم اغفر له وارحمه وهو ووالديه ووالدينا وجميع المسلمين وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة.
** **
- صالح بن منصور الصالح الضلعان