«الجزيرة» - الاقتصاد:
يشير التقرير الصادر مؤخرًا عن ستراتيجيالجزيرة الشرق الأوسط - جزء من شبكة برايس ووتر هاوس كوبرز - إلى أن المساهمة المحتملة للميتافيرس في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي قد تصل إلى نحو 15 مليار دولار أمريكي سنويًّا بحلول عام 2030م، منها 7,6 مليار دولار أمريكي في المملكة العربية السعودية، و3,3 مليار دولار أمريكي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
على الرغم من حداثة عهد الميتافيرس، إلا أنه يشهد تغييرات وتطورات متسارعة، مما يتطلب من الجهات المعنية في دول مجلس التعاون الخليجي العمل بوتيرة متسارعة لمواكبة هذه التطورات بما يضعها على المسار الصحيح للاستفادة من هذه الفرصة الواعدة.
وفي هذا السياق، علّق طوني كرم - الشريك في ستراتيجيالجزيرة الشرق الأوسط - قائلًا «تشير تقديراتنا إلى أن الميتافيرس سيسهم - إجمالًا - بنحو 15 مليار دولار أمريكي في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030م، وتشمل هذه التوقعات النموّ المحتمل في تقنيات المكونات، والمنصات، والأجهزة، والبرمجيات، علاوةً على المساهمة الاقتصادية لتطبيقات الميتافيرس الجديدة ومن بينها تطوير المحتوى، والتسوق، وغيرها من التطبيقات.»
يكمُن عنصر الجمال والإبداع في أنّ الميتافيرس ليس مكانًا ولا تقنيةً، ولكنه يعدّ بمثابة الصيحة الأحدث في التفاعل البشري الحاسوبي المبني على خلق تجربة سلسة وشاملة وغامرة وحسية وافتراضية في بيئة مشابهة تمامًا للواقع؛ إذْ يمكن من خلال الميتافيرس مثلًا زيارة موقع إنشاءات افتراضي لنرى كيف سيبدو شكل المباني حتى قبل دخول معدة حفر واحدة إلى الموقع.
في يوليو 2022م، أطلقت إمارة دبي رسميًّا «استراتيجية دبي للميتافيرس»، والتي تستهدف من خلالها تعزيز مكانة الإمارة لتصبح ضمن الاقتصادات الرائدة في مجال الميتافيرس، وإضافة 4 مليارات دولار أمريكي إلى اقتصاد الإمارة، علاوةً على استحداث 40 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة. كما أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة حاضنة الميتافيرس الأولى في منطقة الشرق الأوسط بهدف احتضان مشاريع الميتافيرس والويب 3.0 منذ المراحل الأولى.
وفي المملكة العربية السعودية، تستعين مدينة «نيوم» - الجاري إنشاؤها بتكلفة تصل إلى 500 مليار دولار أمريكي - بالميتافيرس لوضع تصور للأعمال الإنشائية، وتزويد المعماريين والمهندسين والمصممين والأطراف الأخرى بتجربة فريدة وفرصة للتعاون وتعديل التصميمات، كما أعلن الذراع الرقمي لمدينة «نيوم» عن إطلاق منصة ميتافيرس والتي من المفترض أن تمكن الزوار من التواجد الفعلي والافتراضي التزامني في المدينة من خلال تقنية أفاتار أو الهولوجرام.
وفي سياقٍ متصلٍ، صرح داني كرم - الشريك في ستراتيجيالجزيرة الشرق الأوسط - قائلًا «ينطوي الميتافيرس على عالم من الإمكانيات اللامحدودة التي تتجاوز التطبيقات المرتبطة بألعاب الجيل التالي والمشتريات والتسوق المنزلي القائم على الإنترنت؛ حيث سيغير الميتافيرس طريقتنا في العمل، وإتمام المعاملات، والتصميم، والبناء، والتسوق، والترفيه، والسفر، والمعيشة. إضافةً لذلك، فإنه يتمتع بإمكانات هائلة لتنشيط وتحويل القطاعات الاقتصادية الرئيسة في منطقة مجلس التعاون الخليجي».
كشف التقرير الصادر عن ستراتيجيالجزيرة أن قطاع السياحة والسفر سيكون هو القطاع الأقدر على تحقيق أعلى المكاسب الاقتصادية من الميتافيرس بقيمة تقدر بنحو 3,2 مليار دولار أمريكي.
وأخيرًا، علّق جاد بارودي - المدير الأول في ستراتيجيالجزيرة الشرق الأوسط - قائلًا «يُمكن استخدام الميتافيرس لتنظيم جولات افتراضية في مدينة العلا - وهي أول مدينة سعودية مسجلة في قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي -، وفي مهرجانات الأزياء، والمنتجعات الصحية، ووجهات الاستشفاء والاسترخاء، والفعاليات الترفيهية والرياضية؛ حيث تستطيع الجولات المبنية على الميتافيرس إلهام المسافرين وتشجيعهم على السفر فيما بعد ومعايشة التجربة فعليًّا».
ومن حيث القيمة الاقتصادية المتوقع أن تحققها دول المنطقة من الميتافيرس، تأتي المملكة العربية في الصدارة بقيمة 7,6 مليار دولار أمريكي، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 3.3 مليار دولار، ثم دولة الكويت بقيمة مليار دولار، وسلطنة عُمان بقيمة 0,8 مليار دولار، ومملكة البحرين بقيمة 0.4 مليار دولار.
جديرٌ بالذكرِ أنّ الإمكانات التي ينطوي عليها الميتافيرس أصبحت أكثر وضوحًا فضلًا عن اكتسابه أهمية ودورًا متزايدًا بالنظر إلى تسارع وتيرة تطور مكوناته. وعليه، يدعو التقرير الجهات المعنية في المنطقة إلى اتخاذ خطوات جادة وحاسمة للاستعداد للمستقبل وجني الثمار المحتملة من الميتافيرس.
حددت ستراتيجيالجزيرة ست ركائز للبدء في صياغة استراتيجية الميتافيرس وهي:
- وضع تصور واضح لإمكانات الميتافيرس: ينبغي على الجهات المعنية وضع تصور واضح لإمكانات الميتافيرس لتقديم تجارب وخبرات حقيقية للعملاء ضمن بيئة تحاكي الواقع.
- تحديد التطبيقات المناسبة للمشاريع التجريبية: ينبغي على الجهات المعنية أن تتحلى بالمنظور الاستراتيجي والعملي لاختيار التطبيقات الأكثر مواءمة لنماذج أعمالها والأكثر توافقًا مع أهدفها وتطلعاتها المؤسسية وتطوير المشاريع التجريبية على هذا الأساس.
- تطوير بنية تحتية رقمية قوية: يعدّ توفر البنية التحتية الرقمية القوية ركيزة أساسية لتطوير تجارب الميتافيرس التي تتطلب قدرات حاسوبية هائلة مما يستلزم من الجهات المعنية إجراء توسعات ضخمة لعملياتها الرقمية.
- توجيه الاهتمام إلى تقنيات البلوك تشين: ينبغي على الجهات المعنية تحقيق التطبيق المتقن للبلوك تشين نظرًا لدوره المحوري في ضمان إنشاء سجلات موثوقة للبيانات والحفاظ على تسلسل المسؤولية عن البيانات وحيازتها.
- التعامل بصورة أكثر ذكاءً مع البيانات: ستحتاج الشركات إلى تطبيق هياكل بيانات قوية قابلة للتوسع، والاستعانة بالجيل التالي من أدوات التحليل المتقدمة المبنية على التعلم الآلي، إضافةً إلى الكوادر التي تتمتع بالمهارات ذات الصلة ومنها الحوكمة والإدارة الرشيدة للبيانات.
- إعطاء الأولوية للأمن السيبراني: سيعتمد قبول المستخدمين لتطبيقات الميتافيرس على قدرة الجهات المعنية على توفير الضمانات الكافية لحماية بيانات العملاء والزوار، حيث إن البيانات المتداولة في عالم الميتافيرس تتخطى تلك المتعلقة بمدفوعات وحسابات المستخدمين. وعليه، ينبغي على الجهات المعنية بناء قدراتها الدفاعية السيبرانية وتعزيزها ببنية تحتية ونظم أكثر قوة بالإضافة إلى الخبرات البشرية الضرورية.
لاتزال الرحلة شاقة وطويلة مما يتطلب من الجهات المعنية العمل على حل المشكلات النظرية والعملية المحيطة بالميتافيرس، على أن يتوازى ذلك مع تركيز قيادات المنطقة على الفرص المحتملة لتحقيق القيمة، وإجراء الاستعدادات الاستراتيجية والتقنية فورًا للاستفادة من الإمكانات المستقبلية والفرص الواعدة للميتافيرس.