لم يعد مفهوم استشراف المستقبل رفاهاً، وإنما ضرورة ملحة في عالم تتوالى فيه التطورات والمستجدات بسرعات مذهلة، وبات مشاعاً بين الجميع، دون أن يكون حكراً على قطاع بعينه؛ ليطال جميع الميادين، ويعطى رسالة تحذير قوية، أن التأخر في تجاهل المتغيرات سيكون السبب الرئيس للخروج من حلبة التنافسية الدولية. وتجسيداً لجهود المملكة العربية السعودية في هذا الشأن واستعداداً للمستقبل، لفتح حوارات مثمرة تدور حول توقع الفرص وحيازة التوجهات ومجابهة التحديات والتداعيات المستقبلية لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحليل آثارها، ووضع الحلول المبتكرة وتوفير الحلول والمعالجات الناجعة لها على المستوى الوطني والعالمي، دعمت رؤية 2030 الأشخاص ذوي الإعاقة، مشتملة على العديد من مبادرات دعم حقوقهم، ومضاعفة الخدمات المقدمة لهم.
ولأن القوة لا تأتي من الإمكانات الجسدية فحسب، وإنما من الجرأة والعزيمة، والقدرة على مواجهة التحديات؛ فإن تعزيز وعي الأشخاص ذوي الإعاقة ودعم أسرهم ومقدمي الرعاية لهم ونشر الوعي وتثقيف أفراد المجتمع عن حالاتهم؛ بات من الأولويات الكبرى لأية منظومة متكاملة تستهدفهم، في ظل ما تقدمه قيادتنا الرشيدة وحكومة خادم الحرمين الشريفين من دعم وتوجيهات؛ انطلاقاً من رؤية 2030 ، التي تعنى بتحسين جودة الحياة، فضلاً عن دعم الدولة - وفّقها الله- لمراحل التشخيص والتقويم لذوي الإعاقة مروراً بالتأهيل والتعليم والتثقيف، وحتى التدريب والتشغيل، وصولاً لتحقيق الاستقرار الأسري والاستدامة الاجتماعية في إطار قاعدة معلومات وبيانات شاملة، ومتطورة لذوي الإعاقة على مستوى الوطن.
وتوكيد على هذا المفهوم الاستشرافي؛ الذي يدعو إلى تطبيق أساليب الإدارة والتقنية التي تتطلب، تطبيقات المستقبل وبرامج يصوغها كوادر بشرية مزوَّدة بمهارات الغد، دونما تأخر خطوة واحدة عن مجابهة هذه التحديات المذهلة والمتغيرات المتسارعة؛ جاءت فعاليات المؤتمر السادس للإعاقة والتأهيل، تحت شعاره الرسمي (الجرأة نحو المستقبل)؛ تتويجاً للمؤتمرات الخمسة الدولية السابقة، والذي اكتسب أهمية كبرى «من نجاح تنفيذ جميع توصيات هذه المؤتمرات الخمسة السابقة، بداية من النظام الوطني لذوي الإعاقة إلى المبادرة الوطنية للوصول الشامل، وحتى تأسيس هيئة الأشخاص ذوي الإعاقة» لتمكين ذوي الإعاقة، ولضمان تعزيز مبادئ وأنماط العيش باستقلالية لهم.
إن النمو المتسارع للدور الحضاري للمملكة العربية السعودية كمحرك رئيس مع الشركاء على المستوى الإقليمي والدولي لخدمة قضية الأشخاص ذوي الإعاقة، ومجابهة مختلف التحديات الإنسانية التي تواجه البشرية في هذا الخصوص؛ تؤكد أنها ماضية بإيمان راسخ وخطى ثابتة وبإستراتيجيات واضحة، وإنجازات مضاعفة، لهندسة المستقبل؛ لتصبح مركزاً عالمياً أكثر تفاعلاً وتأثيراً في توجهات المستقبل، وبناء منظومة متطورة قوية وأكثر استدامة.