خالد بن حمد المالك
مر عام ومضى، وكان صادماً بتحدياته، وحروبه، وما كان عليه من أوضاع مأساوية، وظروف قاهرة، وأوجاع مست أغلب دول العالم، وتقلبات اقتصادية هنا وهناك، ومعاناة في حياة الناس، وانصراف عن أي مقترحات إيجابية لمعالجة المآسي التي شلت الأوضاع الصحيحة التي كان ينبغي أن تكون صفة العام الذي انقضى.
* *
مضى العام 2022م بكل ما حفل به من حروب طاحنة، وخلافات متأزمة، واتجاه نحو ما يكرّس الصراعات، ويدعو إلى الفتن، ويخلق فرص التطاحن، فغاب العقل، واختفى الحكماء، واعتدى القوي على الضعيف، وتنادى الجار مع جاره إلى الحروب، وكل يدعي بأن له ومعه الحق، فكان عاماً مجللاً بالسواد.
* *
ودعنا عام 2022م، وكل منا لا ولن تغيب عن ذاكرته مشاهد دامية - رآها بأم عينيه - كانت هنا وهناك، فأبكته، وأحزنته، وتمنى لو أنها لم تكن، إذ ما زالت آثارها باقية لتشهد بأن المجرمين عبثوا وتلاعبوا بمصالح الدول والناس, دون أن يحُدّ من جرائمهم, أو يأتي من يحول دون عدوانهم.
* *
واليوم، ها نحن ندلف إلى بداية عام جديد، وإلى تمنيات وآمال وتطلعات تكون بلسماً وعلاجاً لما كان، وجميعنا - وتحديداً للعقلاء منا - يتطلعون أن يروا في عام 2023م ما يسر الخاطر، ويطفئ لهيب الألم، ويعيد البسمة إلى ذوي القتلى، وبأن ينتشر الحب والوئام والسلام بين الناس والدول.
* *
نستقبل العام الجديد، وكلنا شوق وتطلع إلى نسيان الماضي بكل ما فيه من دماء، وخلافات وصراعات مست هذا الكون، فعاثت فيه خراباً وفساداً, وجرائم عرّضت حياة الناس للموت والقهر، وهناك سلسلة طويلة لا تعد ولا تحصى من الأعمال الإجرامية التي قادها المجرمون القتلة.
* *
ها نحن إذاً مع عام جديد، مع سنة أخرى نريدها مضيئة، وخالية من كل تصرف أحمق، أو عمل مشين، أو ممارسات خاطئة، نعالج فيها ما اكتوينا به من الصراعات في أماكن مختلفة خلال العام الماضي، وآن لنا أن نصحح ما كان خطأً في عامنا المنصرف، وأن نعالج ما يستحق أن يعالج في سلوكنا، وتوجهاتنا، وأجندتنا.
* *
الأمم تريد الخلاص من مآسيها، وتسعى للتآلف ضد القتلة والمجرمين، والخلاص من كل من يريد بها شراً، أو يسعى لتكبيلها بما لا يحقق الخير لها، أو يسيء إلى أمنها واستقرارها، وها هو العام الجديد يأتي لعل وعسى فيه ما يبشّر بتبديل حالنا وواقعنا وسلوكنا نحو ما هو أفضل.
* *
لقد كان الاحتفال بالعام الجديد، بكل مظاهره، وعلى امتداد العالم باهياً، ومثيراً، ومبشراً، بأننا على موعد جديد مع عام جديد، يؤمل فيه أن يُهدي للناس الأمن، والاستقرار، والابتعاد عن الفتن والخلافات، فقد آن لنا أن نستريح مما كنا فيه من ويلات في العام المنصرف؟
* *
أهلاً بالعام الجديد، عام نريده أن يكون بيئةً ومناخاً لأجواء حالمة بما نتمنى، وأهلاً به عاماً ينحاز إلى العقلاء منا، ليؤكد على الحق الذي يجب أن يسود، وعلى العدل الذي يكون ضمن دساتير دول العالم وقوانينه فيُطبق دون خلل أو إخلال بمضامينه، وكل عام والجميع بخير وسعادة وأمن وسلام.