د. إبراهيم بن جلال فضلون
في حياتنا (رسائل)، يحملها كل منا في حياته، ويتمنى إنزالها من فوق كاهله، فيقول د. مصطفى محمود «إن مشكلتك ليست سنواتك التي ضاعت، ولكن سنواتك القادمة التي ستضيع حتماً، إذا واجهت الدنيا بنفس العقلية»، ليضع يده عل جراح الأعوام التي هلكناها، فهل جَدَّ شيء على أفكارك التي ستًخطط لك مستقبلك السلوكي؟، فتستطيع أن تجعل من عامك الجديد لحناً جميلاً، سيمفونية رائعة، لوحة متناسقة الألوان، فقط إن اخترت الصلاح في كل شيء تقوم بعمله، وإلا قابلهُ لحن دراماتيكي، سيمفونية كئيبة، لوحة متناسقة الأحزان، فقط إن اخترت افساد الأمور، كما أفسد كوفيد 19 أعوامنا، فعزلتنا عن عالمنا، وقلبت الرأس عقباً في حياتنا، بل وكما أفسدت الحرب الروسية - الأوكرانية اقتصادياتنا، التي أهلكته وزادت معه الأزمة العالمية للغذاء، وتفاقم التضخم في البلاد مع ارتفاع أسعار الفائدة لأربع مرات في أكثر من شهرين، بسبب سياسات، كانت لحماقتها أثماناً من دماء الأبرياء والقتل والتشريد والدمار والإرهاب...، ليجلس العالم على حافة النووي وسلاحه القذر بيد قُوى لا تفهم حيوات البشر، ليُدير العالم كما يهوى، بلُغة «فرق تسود»، كما يعيشهُ عالمنا العربي ففي غزة انقسام مُريع وغطرسة المُحتل في سفك الدم الفلسطيني، ومرارة الشعب اليمني الذي عانى ويُعاني من عشيرته الحوثية ميليشيا طهران، ولولا الله ثُم التحالف العربي بقيادة السعودية لهلكت، وكيف يُصبح عالمنا سعيدًا ودولنا العربية من سوريا والعراق والسودان وليبيا والتي قطعت مصر بخطها الأحمر يد التدخلات التركية والإرهابية وغيرهم… كذلك الأمة الإسلامية في الأهواز والإيجور والروهينجا والبوسنة والهرسك وغيرهم ممن يُقتلون كل لحظة في اليوم، وكل ذلك بفعل بشري لدول تضرب بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات وتُضيع كل فرصة سانحة لتحقيق السلام، وكأننا عُمى العقول والقلوب والأبصار.
وكيف يحتفل الغرب بعام صنعوه بمرارة الأحياء وتقاليدهم!، لكن أنت على ماذا تحتفل؟ فحياتك في الدنيا اختبار بسيط، يكون فيه كل عام جديد من حياتك كسؤال جديد متعدد الاختيارات، أنت وحدك من تُحدد الإجابات وتصنع بأعمالك النتائج لتتحمل خيرها أو شرها، فاجتهد في الجواب على كُل عام سيأتي لتكتفي بما هو قادم على كل الأسئلة جواباً صحيحاً.. ولذلك يقول الإمام أبو حامد الغزالي «الفتور عن طلب السعادة حماقة»، لكن كيف تصل إلى ذلك وأنت تفتقده في سلوكياتك؟، فإن جَدَّ شيء عليك وصرت للأفضل ومعك مجتمعك، فهنيئًا لك بعام جديد، يرسم الإنسان المُعاصر ومستقبله المُجتمعي، وسط التغيرات المتكاملة وإعادة تموضع القوى على كافة مُستوياتها، فإن لم تفعل شيئاً لإصلاح نفسك وتطويرها في عام تظنه جديدًا سعيدًا، فلا تتوقع أن يكون أفضل من العام الذي ولى دبره من أماكن وأزمنة واحدة، وأفعالك هي التي تُقرر فتفرح بها وتتذكرها إن كانت خيرًا.
وأخيراً: ألم يأنِ لأن نضع اليقظة والحذر في اعتباراتنا للأمور كُلها، آخذين بسياسة التعايش والحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، وبُغض العصبيات والقوميات والتنمر، كي تبقى وحدتنا الداخلية متينة ووحدتنا الوطنية راسخة بأمن واستقرار، فلنسعً لذلك فيكون كما نتمنى؟!، عمليًا هل هو بالفعل جديد؟، أنت من سيُقرر؟!. فلا تكون نُسخة مكررة من أحد سيء، بل تعلم من الأخيار وحافظ على طابعك الخاص وشخصيتك المستقلة، وحُب من حولك، تكُن سعيداً كُل لحظة.. وإن رسبت في امتحان أو دورة 2022، فلديك دور ثانٍ في 2023.