رقية سليمان الهويريني
إن توفير منتج زراعي محلي بجودة ورقابة نوعية صارمة ضد المبيدات والتخزين هو حلم بحد ذاته، فكيف يكون هذا الحلم ضمن برنامج متكامل صدر من المقام السامي يتضمن إحياء مهنة جليلة قُتلت بسبب الطفرة الاقتصادية السابقة، فتركها المواطن لتضطر الحكومة للاستيراد، لهذا السبب ولندرة المياه التي جارت عليها سياسات زراعية سابقة.
إن عودة المواطن لزراعة أرضه في المناطق الريفية بتقنيات وأساليب تحد من هدر المياه هو حلم آخر من ضمن أحلام نرى تحقيقها على أرض الواقع، لما فيها من توطين المهنة والحد من الزحف للمدن وتقوية النسيج الاجتماعي لوضعه الطبيعي وما يحكمه من علاقات ودية بين الفلاحين وتعاون مشترك وتصالح بينهم، إلى جانب تعزيز الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد الطبيعية، من خلال سياسات جديدة وتقنيات حديثة تسهم في تطوير المناطق الريفية، والاستفادة من الميز النسبية التي يحققها البرنامج لإرساء التنمية الزراعية المستدامة بما يشمله من تحسين ورفع دخل صغار المزارعين والمربين، ورفع القيمة الاقتصادية للقطاع الزراعي، وإيجاد فرص عمل للشباب السعودي المؤهل في المناطق الريفية، والإسهام في الأمن الغذائي.
إن فكرة التنمية المستدامة يعني استمرارها وفق سياسات إستراتيجية وليست مؤقتة يحكمها الحماس! وهو ما يعني إيجاد طرق للاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية المتاحة، وتحقيق كفاءة استخدام المياه باللجوء لتنقية مياه الصرف الصحي كأحد الحلول لمشكلة شح المياه، ومساعدة المزارعين باختيار البذور المناسبة، وتنويع السلة الغذائية بما يتناسب مع التعدد المناخي لمناطق المملكة.
ما أرجوه؛ هو الاستعانة بخبرة الفلاحين المخضرمين الذين لازالوا متمسكين بهذه المهنة ويعرفون أسرارها وكيفية التعامل مع النبتة في حالة الطوارئ وحتى الكوارث، وابعاد السماسرة من المقيمين الذين لا يعنيهم إلا المردود المادي وقتل أحلام الفلاحين.