حوار - حسين بن علي الجريبي:
شاعر تميز بحرفه وبوحه، وإعلامي يجيد رسم ملامح الإبداع في حضوره وطرحه الأدبي، الشاعر والإعلامي السعودي عبدالعزيز بن سعد العجلان. ولد في محافظة حريملاء بمنطقة الرياض، حاصل على بكالوريوس من كلية اللغة العربية بالرياض من جامعة الإمام سنه ????هـ، وهو أحد الأسماء التي تميزت بحضورها الفارق في الساحة الخليجية من خلال النشر والحضور في الصحافة ومن خلال العمل محرراً للأخبار وسكرتيراً للتحرير فمديراً للتحرير الخارجي والعمل في صحيفتي الجزيرة وعكاظ. كتب جملة من المقالات الصحفية والأدبية والسياسة في مجلة الدعوة وعدد من الصحف، وشارك أيضاً في كثير من الفعاليات والأمسيات الداخلية والخارجية وكتب عنه عدد من الدارسين أطروحاتهم العلمية وبحوثهم النقدية، شاعر كتب الشعر العمودي والتفعيلي وكان الشعر التفعيلي أعمق وأغزر، وهو من شعراء الجيل الثاني في الثمانينيات، وتميز بغنائية فريدة يبدو أنها تشي بتجارب قديمة تنتمي إلى التيار المحافظ وهذا المميز فيما يقدمه للساحة. أصدر ثلاثة دواوين، وهي: أشياء من ذات الليل (1413هـ/1991م)، والجاهلي يشعل خرائطه (1420هـ/1999م)، ولرياح الأخيليّة (1435هـ/2014م).
ضيفنا هنا في هذا الحوار أبدع في احتواء كل محاور الحوار وتميز بعفويته وصراحته التي أضافت للحوار قيمة أدبية مميزة، فبماذا أجاب عن أسئلة (الثقافية)؟
* كيف كان أثر طفولتك في شخصيتك؟
- الطفولة هي نبع مستمر التدفق في حياة الإنسان؛ في شخصيته، في سلوكه، في ثقافته، في لهجته، في نظرته للحياة والدنيا بأسرها. ولدت، وعشت طفولتي في محافظة (حريملاء)، إحدى البلدات المتناثرة على روافد وادي (حنيفة) العملاق، في حقل من تلك الحقول الصغيرة المنتشرة في تلك البلدات التي تتكون من بضع عشرات من النخيل تحيط بها أشجار (الأثل) وتتخللها قنوات تتدفق منها السيول في مواسم الأمطار. وفي الليالي الممطرة يأوي الأطفال إلى النوم باكراً على وقع المطر وضجيج مياه الميازيب، ليصحوا على عبق الطين، وقد تبرج النخل بجذوعه المبتلة الصقيلة اللامعة وعسبانه اليانعة، وغمرت مياه السيول الأرض، تجوبها انعكاسات بقايا الغيوم وظلال أطراف النخيل.
وأثر تلك البيئة يمكن ملاحظة بعض ملامحه في صور وألفاظ ما كتبته من قصائد مختلفة. أما التأثير الأعمق والأشمل لتلك البيئة فتدركه قراءة متعمقة لقارئ متمرس، أو ناقد مختص.
* أين درست؟ وما أبرز المواقف العالقة في ذاكرتك؟
- درست السنوات الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية في (حريملاء)، وأكملت بقية مراحل الدراسة في الرياض بعد انتقالنا للعيش فيها، ومما أتذكره هو الانبهار الحاد بألوان (الطباشير) المتعددة التي يستخدمها مدرس الهجاء لكتابة الأحرف الهجائية على(السبورة) ورائحة الطباشير عند محو ما كتب عليها، والصور الملونة والأناشيد في مقررات المراحل الابتدائية الأولية، والمشاركة، لاحقا، في المسابقات الثقافية التي كانت تقام بين مدارس الرياض.
* متى كانت أول مرة اكتشفت فيها موهبة الشعر؟
- بدأت في كتابة مقطوعات من المنظومات الشعرية في المرحلة الدراسية المتوسطة، حيث بدأت أقرأ الأشعار خارج المناهج المقررة من خلال بعض الدواوين والكتب الأدبية المختلفة في المكتبة السعودية، وهي مكتبة عامة كانت قائمة آنذاك في ميدان دخنة، ثم سعيت لاقتناء ما أستطيع اقتناءه منها، إلى جانب الاطلاع على ما تنشره الصحف والمجلات بهذا الشأن.
* كيف كانت التجربة في وكالة الأنباء السعودية والأعمال الأخرى التي تلتها وهل كانت داعمة لمسيرتك أم شغلت بها عن الشعر؟
- لا شك أن لمجال عمل الإنسان أثراً إيجابياً أو سلبياً على ميوله واهتماماته، وقد كان العمل في مجال الإعلام تجربة ثرية أتاحت لي اطلاعاً واسعاً على الأحداث والمتغيرات والأنشطة المختلفة، وتطوير قدراتي في الكتابة والتحرير، والاحتكاك مع العاملين في هذا المجال الذين لكثير منهم ميول وحضور ثقافي وأدبي ما. وهنا أذكر حادثة جرت ونحن نعمل ليلاً والأحداث هادئة؛ إذ جاء خبر مفاجئ بوفاة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو الذي نشر قبل ذلك بفترة وجيزة قصيدة باذخة عنوانها (قصيدة في زجاجة)،كان الخبر مفاجئا وترك في نفسي مشاعر شتى تناثرت في قصيدة (أوراق للريح والمنفى) «مجموعة أشياء من ذات الليل».
* البعد والشوق هي إحدى مفردات الشعر فما مفرداتك؟
- لم يخطر في بالي مثل هذا التساؤل من قبل، ولكن أظن أن ألفاظاً مثل «الظما» و»الغيم» وما يدور حولهما لها حضور لافت.
* متى يأتيك الإلهام الشعري؟
- الحديث عن الإلهام الشعري يستحضر في الذاكرة ما تضمنه تراثنا الثقافي حول (وادي عبقر)، ووجود قرين لكل شاعر ينفث في روعه ما يقول، ولكني أرى أن الموضوع مشاعر وخواطر، قد لا تكون واضحة تماما، تومض في الذهن على شكل شطرة أو بيت، غير مرتبطة بزمان أو مكان معين، وتدفعك للتعبير عنها، وقد تكتمل من فورها، أو تتمنع لتكتمل في زمان ومكان آخر..
* حصلت على جائزة وزارة الثقافة والإعلام عن ديوانك (لرياح الأخيليّة) ضمن أفضل عشرة كتب عام 1435هـ/2014م ما قصة حصولك على الجائزة؟ وهل كانت محفزاً لك لإصدار دواوين أخرى؟
- الاسم الرسمي للجائزة هو (جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب -فرع الشعر) عام2015م. وفي الحقيقة ما كان هذا الديوان ليصدر تلك الفترة لولا حماس ومتابعة الدكتور عبدالله الحيدري الذي كان حينها يقود نادي الرياض الأدبي حيث تولى النادي طباعته ونشره ضمن إصداراته لذلك العام. وبعد فترة طويلة فاجأني اتصال هاتفي من أحد مسؤولي الوزارة يبلغني بفوزي بالجائزة.
* لا نكاد نراك في الأمسيات الشعرية، هل التقصير من الجهات الثقافية أو السبب اعتذارك؟
- الأمسيات الشعرية كانت في الفترات الماضية من أهم وسائل التواصل بين الشاعر والجمهور، وإذا كانت الظروف مواتية فإني أحرص على المشاركة فيما أدعى إليه منها.
* ما رأيك في الحركة النقدية لدينا في المملكة حاليا، وهل هي مواكبة لحركة الإبداع؟
- بالنسبة للحركة الإبداعية والنقدية الحالية، فلست مؤهلا لإبداء رأي حيالها، وذلك لعجزي عن متابعة ما يصدر منها في ظل هيمنة وسائط التواصل الاجتماعي، وغزارة ما يتدفق خلالها من معلومات وصور ومشاهد مرئية، وانكفاء الصحف الورقية والمجلات والمنابر التقليدية. ولذلك فمن الضروري صدور أعمال موسوعية توثق بنوع من التوسع ما صدر من أدب ونقد خلال نصف قرن وحتى الآن، ونستذكر هنا التجربة الرائدة للأديب الراحل عبدالله بن إدريس رحمه الله، في كتابه الموسوعي (شعراء نجد المعاصرون).
* هل لديك وصية معينة للشعراء الشباب؟
- أعتقد أن المبدعين الشباب ليسوا بحاجة إلى نصائح بقدر حاجتهم إلى من يهيئ لهم الوصول إلى المتلقين لاستكمال تجاربهم الإبداعية.
* ما جديدك الشعري، وهل ثمة نصوص أو ديوان قادم؟
- لدي مجموعة من القصائد المتناثرة هنا وهناك، ومن ضمنها تجربتان على شكل لوحات شعرية، أخرجت إحداهما وأذيعت مسجلة بصوت المذيع (خالد مدخلي) بعنوان (فارس السياسة) ضمن فعاليات احتفاء مجلس التعاون الخليجي بسمو الأمير الراحل سعود الفيصل وإطلاق اسم سموه على عدد من مرافق المجلس. والأخرى بمناسبة الذكرى التسعين لإنشاء المملكة.