عبدالعزيز المعيرفي
إن التحدث باللغة الإنجليزية في مؤتمر دولي تستضيفه المملكة ويحضره 90 في المائة من السعوديين كالذي يستورد بضاعة ويبيعها دون أي أثر اقتصادي أو محتوى محلي يفيد البلد.
نعم لاشك أن الفوائد التي تحققها استضافة المؤتمرات متعددة لا تقف عند الأثر الاقتصادي، بل إن الفائدة الأهم هو الأثر الثقافي العريق الذي نقدمه والمتمثل بثقافتنا ولغتنا العربية الأصيلة وما ينتج عن هذه المؤتمرات من محتوى عربي يثري العالم. فلغتنا العربية ضاربةٌ في عمق التاريخ وبها انتشرت العلوم والثقافات والحضارات ونقلها العلماء والتجار المسلمون إلى مختلف دول العالم وبفضلها شهد العالم نهضة علمية انعكست على تطورت الشعوب وترجمت كتبها إلى لغات مختلفة وبقيت الكلمات والمسميات العربية ولازالت في كل اللغات.
واليوم لم تدخر حكومتنا الرشيدة جهداً في دعم اللغة العربية في مختلف المجالات ومنها مثلاً إقرار مجلس الوزراء في 2018 فقرة إضافية في ضوابط عقد المؤتمرات والندوات في المملكة تنص صراحة على اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في المؤتمر وعلى المشاركين المتحدثين باللغة العربية التقيد باستخدامها وأنه يجوز استخدام لغات أخرى في المؤتمرات الفنية والتخصصية التي تستلزم ذلك.
واعتقد أن نجاح استضافة الفعاليات والمؤتمرات الدولية لأي دولة لا يتحقق بالأمور التنظيمية فحسب بل هو في حجم الاستفادة الثقافية من هذه الفعالية وأهمها استخدام لغتهم الأم التي يعتزون بها، ولعل من التجارب التي تستحق الاطلاع هي تجربة فرنسا التي أقرت في عام 1994م قانون توبون الذي يلزم الفرنسيين التحدث بلغتهم الفرنسية في المؤتمرات والقمم والاجتماعات الرسمية التي يستضيفونها، ليس هذا فحسب بل أطلقت أيضاً استراتيجية دولية تهدف إلى إحياء مكانة اللغة الفرنسية ودورها في العالم.
وهنا اعتقد أن قلة استخدامنا للغة العربية في مؤتمراتنا لا يواكب رؤيتنا الطموحة التي ترسخ مكانة المملكة لتكون في مقدمة دول العالم ولا يعكس قوتنا الثقافية ولا يحقق أي تقدم في جعل لغتنا العربية محط أنظار العالم.
ولذلك أتمنى أن يصبح استخدام اللغة العربية معياراً من المعايير الموضوعة ضمن تقييم الموافقة على إقامة هذه المؤتمرات ونعاملها كمعيار من معايير المحتوى المحلي في صناعة سياحة المؤتمرات.
واعتقد ان ذلك يزيد من التزامنا في الاعتزاز بالعربية، حمايةً لثقافتنا الأصيلة وحفاظاً على هويتنا ودفاعاً عن تاريخ هذه اللغة الخالدة وضمان المنافسة الثقافية والحضارية على مستوى العالم، إننا بدون استخدام لغتنا نفقد كل هذا وأكثر بل اعتقد أن المؤتمرات الدولية ستصبح لاحقاً عبئاً ثقافياً علينا.