سارا القرني
انتهت فعاليات نهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر.. بجمالها ومتعتها، ولم تنتهِ حتى الآن منصات الإعلام عن تداول الأخبار عنها، منها ما هو مفبرك ومنها ما هو من نسج العنصرية، ومنها ما هو عقلاني ومحايد.
الأرجنتين بطلة العالم.. استفاقت بعد ضربة سعودية موجعة في البدايات، جاءتهم الهزيمة كجرس إنذار مبكر، استغلتهُ الأرجنتين لتوقظ الوحش النائم داخلها وتنتفض حتى تعانق الكأس، وكانت ليلة النهائي عرساً كروياً عظيماً لم يشهد العالم مثله حتى الآن، والمباراة بين فرنسا والأرجنتين تُوِّجَت فيها قطر لتكون حديث العالم وشاغلة الناس.
لم تنسَ قطر أصغر التفاصيل في ليلة الحلم تلك.. كانت حاضرة بعروبتها وشموخ التقاليد حتى في منصة التتويج، ليونيل ميسي.. بطل العالم لم يرفع الكأس إلا بعد أن كساه أمير قطر «البشت» -الرمز العربيّ للتسيّد- ليكون سيّد العالم ويرفع الكأس الغالية، وتكون اللقطة خالدة في صفحات التاريخ على مرّ الأزمان، وطعنةً في خاصرة الكارهين.
منذ اللحظة الأولى للمونديال.. واجهت قطر كلّ أنواع التنديد لمنعها شعار المثلية، المنتخب الألماني على سبيل المثال ابتدأ موسمه العالمي بلقطة اجتمع فيها لاعبوه وهم يكممون أفواههم كرسالةٍ تدعم المثليين وأنه لا صوت لهم في هذه المنطقة، وارتدت وزيرة رياضتهم شارة المثليين حتى خروجهم المبكر من المونديال.
فرنسا بدورها.. ممثلةً في وزيرة الرياضة الفرنسية صرّحت بأنهم سيرفعون علم المثلية إذا فازت فرنسا بكأس العالم، ويشاء الله أن يخزيهم جميعاً ويرتفع الرمز العربي على أكتاف أشهر لاعب في التاريخ «ليونيل ميسي».
ضجّت وسائل الإعلام.. أبرزها الألمانية والفرنسية والإنجليزية احتجاجاً وامتعاضاً واستنكاراً لارتداء ميسي للبشت، وشعروا بالخزي والعار لهذه اللقطة التي لن تُنسى، وذهبت كلّ ادعاءاتهم بدعم الحرية أدراج الرياح لتظهر الحقيقة المقززة «الحرية.. هي ما ندعمه نحن فقط، لا ما يريده بقية العالم».
امتلأت شوارع قطر بمشجعي التانجو وهم يرتدون البشت العربي، ضجّت طلبات الشعب الأرجنتيني لشراء البشت العربي والتساؤل عن رمزيته عند العرب، ارتدى المشجعون حول العالم كل شيء يشبه البشت فقط ليحتفلوا بفوز الأرجنتين، وانتشر جزءٌ من الثقافة العربية للعالم، وتجاوز الأمرُ ليونيل ميسي.. ليرتدي دييجو أرماندو مارادونا «أعظم لاعبي كرة القدم» الشماغ والعقال في أكبر جدارية مارادونية في عاصمة الأرجنتين «بيونس آيريس».
لا أنسى حين وصفت إحدى الصحف الغربية منع الكحول في ملاعب قطر بأنه حمى تكميم الحريات، لتخرج صحيفة التليغراف بخبر مفاده أنه بعد نجاح منع الكحول في الملاعب القطرية الذي صنع بيئة آمنة للتشجيع سواء للنساء والأطفال، فإنّ بعض الدول تدرس منع الكحول في ملاعبها لتكون بيئة آمنة لعشاق كرة القدم.
لو كان الأمر بيدي.. لصنعتُ تمثالاً مهيباً لميسي وهو يرفع كأس العالم بالبشت العربي، ليكون رمزاً بارزاً على غرار تمثال الحرية في نيويورك، ولأسميتُه «بشت الحرية»، ليكون شاهداً على سقوط المثاليات الغربية أمام لقطة واحدة هزت العالم.