أ.د.عثمان بن صالح العامر
شهدت دولة قطر تجمعاً رياضياً عالمياً كبيراً، جراء تنظيمها لكأس العالم 2022، وفدت له شعوب الأرض أجمع، وهم من خلفيات عقدية وثقافية وقيمية مختلفة. ومع أن الحديث عن صراع القيم ليس بجديد في عالم اليوم، ولا هو وليد الساعة إلا أنه في هذه المناسبة الدولية نزل من التنظير إلى التطبيق، حيث التقت الجماهير وجهاً لوجه في بلد عربي له قيمه وعنده تقاليده وأعرافه وعاداته التي يفخر بها ويدافع عنها وليس من السهولة التنازل عن شيء منها، أو حتى التغاضي على من يقترف ما يتناقض معها على أرض وطن هويته عربية وصبغته إسلامية بصفة عامة.
لقد ظن الغرب أنه استطاع خلال الأعوام المتصارمة فرض أجندته الثقافية ذات البعد القيمي على العالم أجمع، وصارت الشعوب - حسب تقاريره السرية وأبحاث مراكزه المتخصصة بشأن الشرق الأوسط - متقبلة لكل ما يروج له ويسوق من قيم ومعتقدات خاصة لدى فئة الشباب والفتيات، ولما كان المحك، والنزول إلى أرض الميدان حيث العامة وجدوا الممانعة الشديدة من قبل الشارع العربي والجماهير المسلمة فضلاً عن الساسة ورجال الشريعة والقانون. وقد ظهر للمتابع والمشاهد شيء مما هو حادث في المونديال، والبعض الآخر كان خلف الكواليس، ولكن نشر عنه وأذيع بعد انتهاء هذه الفعالية العالمية الهامة، وما زال في الجعبة بقية.
- لقد جاءت منتخبات وهي تحمل معها رسالة قيمية تريد لها أن تشيع وتنتشر ولكن تكسرت تلك الفلول الزاحفة أمام الرفض العام لما يسمى بالمثلية الجنسية (الشذوذ الجنسي) المخالف للفطرة المرفوض عقلاً وشرعاً.
- وشارك مشاهير عالميون في الترويج والتسويق بل التقديم لحفل افتتاح المونديال، وهؤلاء المشاهير ملحدة لا يدينون بالرب ولا يعترفون بوجوده، ومثلهم جماهير منتخبات مشاركة ليس لها دين أصلاً والعياذ بالله، وصار بينها وبين المؤسسات الدينية في الدوحة، والشارع القطري الذي يدين بالإسلام نقاش وحوار من أجل انتشالهم من براثن الضياع العقدي الخطير.
- وعكس لاعبو منتخب المغرب أنموذجاً متميزاً للقيم الأسرية في المجتمع المسلم حيث البر بالوالدين والاعتراف بفضلهما رغم فقرهما وبساطة شكلهما، خلاف ما نعرفه عن النظام الأسري في الثقافة الغربية السائدة في غالبية الدول الأوروبية والأمريكية.
- لقد صور الإعلام الغربي العربي عموماً والخليجي على وجه الخصوص بصورة بشعة سيئة من أجل التنفير منه والتقليل من شأنه وإلصاق التهم فيه، وجاءت هذه المناسبة فعكس العرب وجهاً آخر للجماهير الغربية هو وجهنا الحقيقي، ومن ثم تلاشت الصورة الذهنية السلبية المغروسة من قبل الإعلام الموجه هناك، وعادت هذه الحشود بصورة تصحيحية عن الشعوب العربية التي تعرفت عليها عن كثب خلال المونديال.
دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.