عبده الأسمري
اغترف من «مشارب» المعرفة وانصرف إلى «مواكب» الثقافة فكان «العارف» بمضامين «النقد» و»المعروف» في ميادين «الجد» الذي وفى للتاريخ وأوفى للتربية واستوفى للأدب.
ما بين «لغة» الشعر و»بلاغة» الشعور وضع «التصريف» الفريد في الأصول الشعرية وكتب «التعريف» المنفرد في الفصول المهارية فكان الأديب المهيب الذي حمل «لواء» التنوع وجال كفارس «أصيل» بأنفاس طويلة حتى تجاوز خط «السبق» ونال حظ «العبق» في قلب «الأثر» وقالب «التأثير».
إنه المؤرخ والشاعر والناقد الأديب الدكتور يوسف العارف أحد أبرز الأدباء والمؤرخين والنقاد في الوطن.
بوجه حنطي اللون ذو «سحنة» جنوبية جازانية بحكم «الأصل» واحتكام «النسب» وملامح مألوفة تطغى عليها «ابتسامة» الرضا و»استدامة» الصفاء وتقاسيم مسكونة بالإنصات والثبات وعينان تلمعان بذكاء من خلف «عدسات» طبية لا تفارقه وشخصية تتقاطر منها اعتبارات «الرقي» وتتسطر فيها انفرادات «الارتقاء» وشخصية تعتمر «الأزياء» الوطنية ومحيا عامر بالألفة وغامر بالتآلف مع كاريزما تتجلى فيها «أناقة» التعامل وتسمو وسطها «لباقة» الحديث وصوت خليط من «اللهجة» البيضاء ناصعة «الفهم» في مجالس «العامة» و»اللغة» العصماء يانعة «المعنى» في منصات «الخاصة» ومفردات «لغوية» تنبع من «مخزون» فكري تشع في «مواسم» التخصص وتسطع في «مراسم» الاختصاص وحضور زاهٍ في سيرة «الثقافة» وتواجد باهي في مسيرة «التربية» قضى العارف من عمره «عقوداً» وهو يفرش دروب المحافل بورود «الأدب» ويبرم مع المهمات وعود «التفوق» معلماً ومشرفاً وتربوياً وأديباً ومؤلفاً وشاعراً جنى من «واحة» النجاح «ثمار» العلم وقطف من ساحة «الفلاح» حصاد «العمل» فكان الاسم «المتعارف» عليه بالاتفاق و»المثقف» المشهود له بالوفاق في القيمة والمقام.
في «الطائف» عروس المصائف وفي «منزل» متواضع في قرية الذيبة ببني سعد ولد عام 1375 في «نهار» شتوي ملأ أرجاء المكان «بحرارة» الاحتفاء وتجاوز أخبار الوقت بصدارة «الفرح» وانطلقت بين المنازل المكتظة بالجيرة «أناشيد» البهجة وتفتحت عيناه على «أب» كريم متدين و»أم» مربية حانية وامتلأ وجدانه صغيراً بمناهج «أبوة» نال منها «حظوظ» السكينة ومباهج «أمومة» حصد منها «عطايا» الطمأنينة فكبر وفي قلبه يقين «المعروف» وعاش وفي عقله تمكين «العرفان».
ظل كل مساء في انتظار قدوم والده «التقي» خريج مدرسة «القرعاوي» الشهيرة بجازان والشاعر البارع والذي قضى عمره في طلب العلم والعمل إماماً وخطيباً لينهل من «معين» خبرته وينتهل من «ينبوع» مسيرته فكان «خزينة» بشرية معرفية يأخذ منها «فرائض» الشرع ويتلقى منها «عروض» الشعر.
تعتقت روحه بعبير «الورد» الطائفي وتشربت نفسه نسائم حقول «الهدا» و»الشفا» وتنفس رياحين محاصيل «التين» والرمان والعنب والتي تشكلت في ذهنه كمرسم طفولي في أحضان الطبيعة.
ركض مع أقرانه بين أحياء الشهداء الجنوبية و»النزهة» و»السداد» «وشارع التلفزيون مولياً أمنياته «الأولى» نحو «بر» باكر جعله ينهل من دعوات أبيه عند الفجر ويكسب ابتهالات أمه حين السحر منهياً نهاره بقبلات «امتنان» على جبيني وكفي والديه كانت بمثابة الاعتراف بالنبل ومثوبة الاغتراف من الفضل.
ارتسمت في ذاكرته مشاهد «البسطاء» في مواقع الرزق بباب الريع وبرحة القزاز وجوار جامع العباس وهم يرسمون ملامح «اليقين» ويؤسسون ملاحم «التمكين» في تجارة رابحة ببركة «النزاهة» وظل يقتنص الشواهد الحية والمشاهد اليقظة في «حراك» يومي عزز في ذهنه «موجبات» التوصيف وعزائم «التأليف فظل يمطر مساءات عائلته بحوارات «النباغة» ونقاشات «البلاغة» التي اكتشفها والده الضليع بالشعر والضالع بالحدس حيث تنبأ بقدوم «مشروع» أدبي فاخر مجلل بالموهبة ومكلل بالهبة.
درس العارف الصف الأول الابتدائي في كُتّاب قرية (الذيبة) ببني سعد وانتقل من الصف الثالث لمدرسة فليحة قبيلة (الزُّوَّد)، ودرس الصف الرابع بمدرسة شفا ربيع بقرية (العذبة)، ومن الخامس إلى السادس بمدرسة (اللبَّة) ببني سعد. ثم انتقلت الأسرة إلى الطائف وأكمل الصف السادس في مدرسة عبدالله بن عباس، رضي الله عنه ثم التحق بمدرسة دار التوحيد الشهيرة بتخريج القامات وأنهى المرحلة الثانوية والتحق بعدها بجامعة أم القرى حيث حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والحضارة عام 1396 ونال درجة الماجستير في التاريخ الحديث من جامعة الملك عبد العزيز عام 1405هـ. وأكمل دراساته العليا بالحصول على الدكتوراه في التاريخ الحديث عام 1412 من جامعة عين شمس مع مرتبة الشرف الأولى.
عمل العارف في التعليم العام بمحافظة جدة معلماً ووكيلاً ومديراً ومشرفاً تربوياً وموفداً للتعليم بالخارج ومديراً للثقافة والمكتبات ومديراً للتخطيط والتطوير التربوي ومديراً لتعليم الكبار ثم تقاعد عام 1435 بعد مسيرة عاطرة وخدمة حكومية استمرت 38 عاماً قدم فيها «العطاءات» و»الإنجازات» والتي ظلت في قلب «الذكر» النبيل وقالب الاستذكار الجميل حيث ترجل من ساحات «التعليم» ولكنه ظل مقيماً في واحات «الأدب» حاضراً بقلمه وناضراً بعلمه بين أوراق «الدراسات» وفي آفاق «المناسبات» كعدد صحيح في معدلات «المعرفة» وناتج فعلي لمعادلات الثقافة.
صدرت له عشرات المؤلفات الشعرية والنقدية والتاريخية حيث أصدر في الشعر 16 مؤلفاً منشوراً وله 3 مخطوطات قيد الطبع وفي التاريخ له 5 مؤلفات منشورة ومخطوطتان وخمسة إصدارات نقدية منشورة ومخطوطتان ومؤلفان نقديان تحت الطبع وصدرت له في مجال التربية خمسة إصدارات ومخطوطتان ومخطوط تحت الإعداد.
وهو عضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي سابقاً وعضو بالجمعية العمومية بالنادي وعضو جمعية الأدب العربي وله العديد من الأنشطة والجهود على أصعدة متعددة.
ما أن تذكر الثقافة ويتجلى الشعر ويستذكر الأدب ويبوح النقد ويسمو التاريخ حتى يحضر «العارف» كالطود «المعرفي» مبهجاً «المقامات» متصدراً «القوائم» كشاهد على «المشاهد» ومشهود له في «الشواهد» ومعلم رسخ «المعالم» ومؤثر أبقي «المآثر».
يوسف العارف.. الأديب المعروف والنجم «الساطع» في سماء المعارف والاسم «اللامع» في ضياء المشارف.