عمر إبراهيم الرشيد
سبق وتناولت بطولة كأس العالم في قطر بأكثر من مقال، وها هي البطولة قد اختتمت الأسبوع الماضي بنجاح قطر الشقيقة في تنظيم بطولة بهذا الحجم وبشكل غير مسبوق، فقد شاهدنا بطولات نظمت من قبل ولم تكن بهذا التنوع والفعاليات المصاحبة ثقافياً وإنسانياً. قدمت قطر رداً على دول غربية تحديداً حاولت استغلال البطولة لتمرير أجندات معينة وحرف البطولة عن مسارها الرياضي، وهو ما أثلج صدورنا كذلك حين خرجت منتخبات تلك الدول من البطولة خالية الوفاض. ونظرة إلى الموكب الذي نظمته الدوحة لبطل العالم منتخب الأرجنتين حين سار على طول الطريق وسط الجماهير، تتقدمهم فرقة من الشباب القطري على ظهور الإبل وخلفهم أخرى على الخيل، بعد أن ارتدى اللاعب الأشهر عالمياً ليونيل ميسي البشت العربي من يد سمو الشيخ تميم وفي بادرة لها رمزيتها ودلالتها المشهودة. كل هذه وغيرها رسائل عن التمسك بالهوية والخلفية التاريخية والثقافية لدول الخليج التي قد يراها البعض كمنقصة، بينما هي دلالة عراقة وتاريخ يمتد لآلاف السنين لجزيرة العرب ومهد البشرية.
حقاً لم تكن مجرد كرة، بل كانت البطولة مهرجاناً إنسانياً وثقافياً وفنياً ورياضياً، التقت فيه شعوب متباينة الثقافات وتبادلت بعض مكتسباتها، في أجواء آمنة لم تشهدها بطولات مماثلة من قبل وهذه بشهادة جماهير أجنبية عن منطقتنا. وللحقيقة فإن التحدي الأمني بذاته مهمة جسيمة إنما حسن التنظيم والإعداد الممتد على مدى اثني عشر عاماً أثمر نجاحاً باهراً بشهادة القاصي والداني، فمبروك لقطر ولنا جميعاً هذا الإنجاز.
ونعلم بأن المملكة تقدمت بطلب استضافة كأس آسيا 2027 وهي المنفردة والأقرب للترشيح، إضافة إلى سعيها للترشح لاستضافة كأس العالم 2030، وهو ما أزعج دولاً ترى بأن هذه البطولة بدأت بالابتعاد عن سيطرتها تنظيماً واستضافةً، وهذا جزء من الحرب الإعلامية على قطر ومن ثم على دول الخليج كافة، وبالأخص بعد استحواذها على أندية رياضية استثماراتها بعشرات المليارات. فقد استثمرت الإمارات العربية واستحوذت على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، ثم تلتها قطر واشترت نادي باريس سان جرمان، وأتت المملكة واشترت نادي نيوكاسل الذي كان متذيلاً ترتيب الدوري فأصبح الآن ثالث الأندية. فكيف إذا فازت المملكة بتنظيم كأس العالم 2030 وهذا ما نأمله إن شاء الله تعالى، إلى اللقاء.